قوله (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )

 

 

والختم كما يكون محسوسا، يكون كذلك معنويا، فالختم على القلوب هو عدم الوعي عن الله سبحانه – في مفهوم خطاباته والفكر في آياته،الختم معناه التغطية على الشيء والاستيثاق منه حتى لا يدخله شيء، ومنه ختم الكتاب وختم الباب حتى لا يوصل إلى ما فيه ولا يوضع فيه غير ما فيه.

والختم على السمع هو عدم فهم للقرآن إذا تلى عليهم.

(عَلَى قُلُوبِهِمْ) فيه دليل على فضل القلب على جميع الجوارح، فالقلب موضع الفكر لسرعة الخواطر إليه ولترددها عليه كما قيل:

ما سمى القلب إلا من تقلبه          فاحذر على القلب من قلب وتحويل

ولهذا المعنى كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول “اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك” والقلب قد يعبر عنه بالفؤاد والصدر قال تعالى “ كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ” وقال سبحانه (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) والمعنى في الموضعين قلبك، وقد يعبر به عن العقل قال تعالى (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب) أي عقل.

وقوله (وَعَلَى سَمْعِهِمْ) استدلى بهذه الآية على تفضيل السمع على البصر لتقدمه عليه قال تعالى (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ) وقال تعالى (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ) والسمع يدرك به من الجهات الست وفي النور والظلمة ولا يدرك بالبصر إلا من الجهة المقابلة وبواسطة من ضياء وشعاع.

وقوله (وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) العذاب هو كل ما يؤلم الإنسان جسديا مثل الضرب بالسوط والحرق بالنار والقطع بالحديد، وأصل العذاب الحبس والمنع ومنه سمى عذوبة الماء باعتبار وضع الماء الكدر في وعاء وحبسه أي بقائه مدة في الوعاء ليصفو ويفارق ما خالطه فسمى العذاب عذابا لأن صاحبه يحبس ويمنع عنه جميع ما يلائم الجسد من الخير ويهال عليه أضدادها، وهذا العذاب وصفه الله بالعظيم، أي أنه يؤلم ايلاما شديدا أو يكون الضرب والقطع والحرق وأمثالهم كثيرا.

وبعد فقد وصف الله الكفار ختم قلوبهم وسمعهم ووضع الغشاوة على أبصارهم ولهم فوق ذلك عذاب عظيم.

 

 

 

 

Scroll to Top