قوله (قال رب اجعل لي آية) يعني قال زكريا لربه بعد أن بشره بيحيى، اجعل لي آية أي علامة على الحمل في الولد، وسأل زكريا ربه بذلك زيادة في اطمئنانه.
قوله (قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا) يعني قال الله تعالى لزكريا علامتك أنك لا تكلم الناس أي الكلام العادي مدة ثلاثة أيام إلا رمزا، ومعنى الرمز الإشارة بيده أو رأسه ولا يتكلم ومنع من قبل الله عن الكلام العادي وهذه علامة من عند الله على قرب الولد من غير خرس ولا عاهة ولا مرض.
قوله (وأذكر ربك كثيرا) وهذا لا يتعارض مع عدم الكلام، فالممنوع هو الكلام العادي اما ذكر الله وشكره فقد يكون بالكلام وقد يكون في القلب، ومن الذكر قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
قوله (وسبح بالعشي والإبكار) التسبيح هو التنزيه والتعظيم لله سبحانه، والعبادة لله جل وعلا بالعشي وهو من أذان الظهر حين تزول الشمس من كبد السماء إلى أن تغيب، والإبكار بين مطلع الفجر إلى وقت الضحى حين ترتفع الشمس.
ثم قال الله تعالى بعد ذلك (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين).
المعنى قالت الملائكة مبشرة مريم، ومريم اسم قديم سميت به اخت موسى عليه السلام وهو في العبرانية معناه العابدة.
قوله (إن الله اصطفاك) يعني اختارك لطاعته وخصك من كرامته، وقوله (وطهرك) يعني من النجاسات التي تكون عند بقية النساء كالحيض والنفاس، وقوله (واصطفاك على نساء العالمين) هذا الاصطفاء والاختيار الثاني على بقية النساء في زمانك لكي تكوني أما لعيسى عليه السلام وروى من طرق صحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه “خير نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون).
ثم قال الله تعالى بعد ذلك (يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين).
يعني من ضمن كلام الملائكة لمريم عليها السلام (اقنتي لربك) معنى القنوت هنا هو إطالة الصلاة والركود فيها والإخلاص والطاعة والعبادة لله تعالى.
قوله (واسجدي واركعي مع الراكعين) قدم السجود هنا على الركوع لأن السجود أبلغ في التذلل والخشوع والشكر ولأن المقام هنا مقام شكر وإخلاص لله سبحانه، وقول الملائكة هذا لمريم عليها السلام مقدمة لقصد الايناس وإدخال المسرة عليها للخطاب ببشارتها بولادة عيسى عليه السلام.

