( وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ )

(وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) يعني القرآن (وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) يعني الكتب السالفة بخلاف ما فعله اليهود والنصارى حسب ما أخبر الله عنهم في قوله (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا ).

ويقال: لما نزلت هذه الآية (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) قالت اليهود والنصارى: نحن آمنا بالغيب، فلما قال (وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ) قالوا: نحن نقيم الصلاة، فلما قال (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) قالوا: نحن ننفق ونتصدق، فلما قال ( وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) نفروا من ذلك.

(وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) أي وبالبعث والنشر هم عالمون، واليقين: العلم دون الشك.

(أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي الفائزون بالجنة والباقون فيها، والمفلح هو الذي أدرك ما طلب ونجا من شر ما منه هرب.

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ )

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) لما ذكر المؤمنين وأحوالهم، ذكر الكافرين وما لهم، والكفر ضد الايمان وهو المراد في الآية، وقد يكون الكفر بمعنى جحود النعمة والإحسان.

وأصل الكفر في كلام العرب: الستر والتغطية، ومنه قول الشاعر في ليلة كفر النجوم غمامها أي سترها وغطاها، ومن معاني الكافر الزارع والجمع كفار، قال الله تعالى ( كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ) يعني الزراع لأنهم يغطون الحب، والكافرين الأرض هو المكان الذي بعد عن الناس لا يكاد ينزله ولا يمر به أحد ومن سكن هذه المواضع فهم أهل الكفور أي أهل القرى البعيدة.

(سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) السواء معناه الاعتدال، معتدل عندهم الإنذار ونزل الإنذار ومثل قول تعالى (قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ) والانذار الإبلاغ والاعلام ويكون فيه تخويف أو تهديد، وتأويل هذه الآية أنه من حقت عليه كلمة العذاب، وسبق في علم الله أنه يموت على كفره، فإن الله تعالى أراد أن يعلم أن في الناس من هذه حالة دون أن يعين أحدا.

(لَا يُؤْمِنُونَ) أي أنهم يترفعون ويستكبرون ويتألهون فلا يغنى فيهم الإنذار شيئا.

Scroll to Top