قال كثير من المفسرين أن هذه الآية تتحدث عن مانعي الزكاة وقال بعضهم إنها تتحدث عن عدم الانفاق في سبيل الله ويربطونها بغزوة أحد، وسواء اكانت في حق مانعي الزكاة أم في حق عدم الانفاق في سبيل الله وهذا شأن المنافقين الذين ميز الله الخبيث من الطيب تبرءا من قوله تعالى (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم) فلا يتصور في هذا الشأن مؤمنا يمنع الزكاة أو يمنع الانفاق في سبيل الله.
ومعنى هذه الآية ولا يظن الباخلون أن البخل هو خير لهم والبخل هو إمساك المال، وفي معناه الشح وهو ضد الجود، فهو الانقباض عن إعطاء المال بدون عوض، وقوله (بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ) في هذه الجملة من الآية تأكيد على عدم الخيرية في إمساك ما رزقهم الله من فضله، بل هو شر لهم يوم القيامة، وطريقة هذا الشر لهم هي في وقوله تعالى (سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، أي سيجعل الله هذا المال الذي بخل به المانعون للزكاة أو المانعون الإنفاق في سبيل الله طوقا في أعناقهم يوم القيامة، وقد وردت آثار ع الرسول صلى الله عليه وسلم منها قوله صلى الله عليه وسلم قال: “ما من عبد يأتيه ذو رحم يسأله من فضل عنده فيبخل عليه إلا أخرج له الذي بخل به عليه شجاعا أقرع أي ثعبان عظيم رأسه أقرع من كثرة السم يتلمظ يطوقه، ثم قرأ صلى الله عليه وسلم (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
وقوله (وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) يعني أن الله سبحانه هو الحي الذي لا يموت وهو الباقي بعد فناء جميع خلقه، وفي هذه الآية إعلام من الله لخلقه أنه سبحانه كتب عليهم الفناء ووصف نفسه سبحانه بالبقاء (كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) وأملاك جميع خلقه فتنقله عنهم بموتهم، وأنه لا أحد إلا هو فإن سواه سبحانه فإنه سبحانه إذا هلك جميع خلقه فزالت أملاكهم عنهم ولم يبق أحد يكون له ما كانوا بما يعمل هؤلاء الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله وغيرهم من سائر خلقه أنه سبحانه ذو خبرة وعلم، محيط بذلك كله، حتى يجازي كلا منهم على قدر استحقاقه، المحسن بالإحسان والمسيء على ما يرى سبحانه وتعالى.

