يقول الله تعالى في سورة آل عمران (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ).

قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) معناه يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله في وعد الله ووعيده وأمره ونهيه، وقوله (إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا) معناه الذين جحدوا نبوة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى فيما يأمرونكم به وفيما ينهونكم عنه فتقبلوا رأيهم في ذلك وتزعمون أنهم لكم ناصحون، وقوله (يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) معناه يحملوكم على الردة بعد الإيمان، والكفر بالله وآياته وبرسوله بعد الإسلام.

وقوله (فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) معناه فترجعوا عن إيمانكم ودينكم الذي هداكم الله له وخاسرين يعني هالكين قد خسرتم أنفسكم وضللتم عن دينكم وذهبت دنياكم وآخرتكم وفي هذه الآية نهى من الله سبحانه لأهل الإيمان بالله أن يطيعوا أهل الكفر في آرائهم المتعلقة بأديانهم.

ثم يقول الله تعالى بعد ذلك (بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) ومعنى هذه الآية أطيعوا الله وحده دون الذين كفروا فهو سبحانه خير من نصر ومعنى (مَوْلَاكُمْ) وليكم وناصركم على أعدائكم الذين كفروا فبالله الذي هو ناصركم ووليكم فاعتصموا وإياه وحده فاستنصروا دون غيره سبحانه.

ثم يقول الله تعالى بعد ذلك (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ).

قيل في سبب نزول هذه الآية أن أبا سفيان والمشركين توجهوا نحو مكة بعد غزوة أحد حتى بلغوا بعض الطريق ثم إنهم ندموا وقالوا: بئس ما صنعتم إنكم قتلتموهم حتى إذا لم يبق إلا الشرير يعني محمدا صلى الله عليه وسلم تركتموهم، ارجعوا فاستأصلوهم فقذف الله عز وجل في قلوبهم الرعب فانهزموا بعدما أخبر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم فطلبهم الرسول حتى بلغ موقعا يسمى حمراء الأسد أبا سفيان ومن معه انهزموا.

وقوله (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) معناه سيلقى الله أيها المؤمنون في قلوب الذين كفروا بربهم وجحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ممن حاربكم بأحد الرعب وهو الجزع والهلع.

وقوله (بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا) معناه بشركهم بالله وعبادتهم الاصنام وطاعتهم الشيطان التي لم أجعل لهم بها حجة وهي السلطان التي أخبر عز وجل انه لم ينزله بكفرهم وشركهم وفي هذه الآية وعد من الله جل ثناؤه لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنصر على أعدائهم ما استقاموا على عهده وتمسكوا بطاعته، ثم أخبرهم سبحانه ما هو فاعل بأعدائهم بعد رجوعهم إليه سبحانه بقوله (وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ) يعني مرجعهم الذين يرجعون إليه يوم القيامة النار.

وقوله (وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) يعني وبئس مقام الظالمين الذين ظلموا أنفسهم باكتسابهم ما أوجب لها عقاب الله النار.

Scroll to Top