يقول الله تعالى في سورة آل عمران (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ).

هذه الآية الكريمة أتت في سياق الحديث عن غزوة أحد التي كانت امتحانا للمسلمين واختبارا لهم يبين الله جل وعلا فيها حكمته ومراده، فيوجه الخطاب إلى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بقوله (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ) يعني أظننتم يا معشر أصحاب محمد أن تدخلوا الجنة وتنالوا كرامة ربكم، وشرف المنزلة عنده، وقوله (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)، (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ معناه وليعلم الله أو حتى يعلم الله المجاهدين منكم في سبيل الله، ويعلم الصابرين عند شدة البأس على ما ينالهم في سبيل الله من جرح وألم ومكروه.

ثم يقول الله تعالى بعد ذلك (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ).

هذه الآية في سياق الحديث عن غزوة أحد كذلك لأن قوما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لم يشهد غزوة بدر، كانوا يتمنون قبل غزوة أحد يوما مثل يوم غزوة بدر حتى ينالوا الشهادة والأجر من الله مثل ما نال أهل بدر، فلما كان يوم غزوة أحد فر بعضهم وصبر بعضهم حتى أوتي بما كان عاهد الله قبل ذلك، فعاتب الله من فر منهم وأثنى على الصابرين.

وقوله (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ) يعني ولقد كنتم يا معشر أصحاب محمد تمنون الموت والمقصود هنا الشهادة بالقتال في سبيل الله حتى ينالوا الأجر والثواب من الله سبحانه قبل أن يأتي يوم أحد وتلقوا عدوكم وأنتم الذين جعلتم الرسول صلى الله عليه وسلم يخرج إلى المشركين خارج المدينة، وقوله (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) يعني فقد رأيتم ما كنتم تتمنونه وهو الموت الذي يوصلكم إلى الشهادة في سبيل الله، ومعنى (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) وأنتم على قرب من الموت والسيوف بيد الرجال مشهرة ولم يبق بينكم وبين الموت إلا شعرة ومع ذلك انهزمتم وأدبرتم وهذا عتاب من الله للبعض من المسلمين، وقيل (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) من باب التوكيد مثلما يقول الرجل رأيت الموت بعيني ولكنه لم يمت.

Scroll to Top