يقول الله تعالى في سورة آل عمران (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).

في هذه الآية الكريمة يواسي الله سبحانه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أصابهم يوم أحد من هزيمة في أول المعركة بينهم وبين المشركين، فقول الله تعالى (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ)يعني إن أصابكم أيها المؤمنون قتل وجراح وهذا يعني القرح، قوله (فقد مس القوم قرح مثله) يعني فقد أصاب القوم وهم المشركون قتل وجراح مثلما أصابكم، وإن قتلوا منكم يوم أحد فقد قتلتم منهم يوم بدر.

وقوله (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) وهذا في الحروب تكون مرة للمؤمنين لينصر الله عز وجل دينه، ومرة للكافرين إذا عصى المؤمنون ليبتليهم ويمحص ذنوبهم والدولة الكره وقال بعض المفسرين هي عامة في الحرب وغيره في جميع حياة الإنسان من فرع وغم وصحة وسقم وغنى وفقر، يقول الشاعر:

فيوم لنا ويوم علينا    ويوم نساء ويوم نسر

وقوله (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا) يعني وليعلم الله الذين آمنوا منكم أيها القوم من الذين نافقوا منكم، وقوله (ويتخذ منكم شهداء) فإنه يعني ليكرم منكم بالشهادة من أراد أن يكرمه بها، فإن المسلمين كانوا يسألون ربهم ربنا أرنا يوم كيوم بدر نقاتل فيه المشركين ونلتمس فيه الشهادة فلقوا المشركين يوم أحد فاتخذ منهم شهداء.

وقوله (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) فإنه سبحانه يعني به الذين ظلموا أنفسهم بمعصيتهم ربهم وقيل إن المقصود بالظالمين في سياق هذه الآية هم المنافقون الذين يظهرون بألسنتهم الطاعة، وقلوبهم مصرة على المعصية.

ثم قال الله تعالى بعد ذلك (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ).

بيّن الله سبحانه في هذه الآية الكريمة للمؤمنين وهي كذلك لمواساتهم بأن من هذه الأسباب التي أرادها بجانب التمييز بين المؤمن الصادق والمنافق الكاذب وتكريم بعض المؤمنين بالشهادة هو الاختبار والابتلاء وهو معنى التمحيص، فقوله (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا) وليختبر الله الذين آمنوا أي صدقوا الله ورسوله فيبتليهم ويختبرهم حتى يتبين المؤمن منهم المخلص الصحيح الإيمان من المنافق.

وقوله (وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) يعني المحق النقصان والفناء يقال محق فلان الطعام إذا نقصه أو أفناه ومنه “محاق القمر” يعني نقصانه وفناؤه ومعنى (وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) يعني ينقصهم أو يفنيهم.

Scroll to Top