هذه الآية الكريمة تتحدث عن الصفة الرابعة من الصفات التي يتميز بها المتقون الذين أعد الله لهم جنة عرضها السموات والأرض.
قوله (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً) يعني والذين إذا فعلوا فعلة فاحشة ومعنى الفاحشة الفعلة القبيحة الخارجة عما إذن الله عز وجل فيه، وأصل الفحش القبح والخروج عن الحد والمقدار في كل شيء، ومنه قيل للكلام القبيح، كلام فاحش وقيل للمتكلم به أفحش في كلامه إذا نطق بفحش، وقال بعض المفسرين أن المراد بالفاحشة في هذا الموضع الزنى.
وقوله (أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) ظلم النفس هو ارتكاب الإنسان المعصية التي توجب عقوبته في الدنيا أو في الآخرة، وقوله (ذَكَرُوا اللَّهَ) يعني ذكروا وعيد الله على ما أتوا من معصيتهم إياه، وقوله (فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) يعني فسألوا ربهم أن يستر عليهم ذنوبهم وأن يصفح عنهم ولا يعاقبهم عليها، وقوله (ومن يغفر الذنوب إلا الله) يعني وليس هناك أحد يغفر الذنوب بعفوه عن مرتكبها فيسترها عليه إلا الله، وقوله (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا) يعني لم يداوموا ويقيموا على ذنوبهم التي أتوها ومعصيتهم التي ارتكبوها، وقوله (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أي وهم يعلمون أن الله قد نهى عن المعصية التي فعلوها وأوعد عليها العقوبة من أتاها، ومعنى الإصرار هو الإقامة على الذنب عامدا والمداومة عليه.
ثم قال الله تعالى بعد ذلك (أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ).
هذه الآية الكريمة تعني أن أولئك الذين أعد الله لهم الجنة التي عرضها السموات والأرض من المتقين بالصفات المتقدمة جزاؤهم يعني ثوابهم من أعمالهم التي وصفهم الله بها مغفرة من ربهم يعني عفو لهم من الله على ما سلف من ذنوبهم، ولهم كذلك على ما أطاعوا الله جنات وهي البساتين في الجنة التي تجري من تحتها الأنهار يعني بين أشجار تجري الأنهار وفي الأسفل من الأشجار، جزاء لهم على صالح أعمالهم خالدين فيها يعني دائمي المقام في هذه الجنات التي وصفها سبحانه ونعم أجر العاملين يعني ونعم جزاء العاملين لله سبحانه هذه الجنات.

