هذه الآية الكريمة متصلة بالآية التي سبقتها وهي قوله تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)، (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى) يعني لن يضركم يا أهل الإيمان بالله ورسوله هؤلاء الفاسقون من أهل الكتاب بكفرهم وتكذيبهم نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم شيئا إلا أذى يعني بذلك ولكنهم يؤذونكم بشركهم وإسماعكم كفرهم وقولهم في عيسى وأمه، ودعائهم إياكم إلى الضلالة والأذى هو دون الألم وهو الضر بالقول.
قوله (وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ) يعني وإن يقاتلكم أهل الكتاب من اليهود والنصارى تهزمونهم فيولوكم أدبارهم انهزاما، فقوله تعالى (يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ) كناية عن انهزامهم لأن المنهزم يحول ظهره إلى جهة الطالب المنتصر هربا إلى ملجأ يلجئ إليه خوفا على نفسه والطالب المنتصر يلحقه، فدبر المنهزم المطلوب حينئذ يكون في محاذاة وجه الطالب المنتصر، وقوله (ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ) يعني ثم لا ينصرهم الله أيها المؤمنون عليكم لكفرهم بالله ورسوله وإيمانكم بما آتاكم نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم لأن الله عز وجل قد ألقى الرعب في قلوب أعدائكم أيها المؤمنون بنصركم، وهذا وعد من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأهل الإيمان بشرط قوله تعالى في الآية السابقة.

