فيقول الله تعالى في سورة آل عمران (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).

معنى هذه الآية وكيف تكفرون أيها المؤمنون بعد إيمانكم بالله ورسوله، فترتدوا على أعقابكم وأنتم تتلى عليكم آيات الله يعني حجج الله عليكم التي أنزلها في كتابه على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وفيكم رسوله، وهذه حجة أخرى عليكم لله مع آيات كتابه، يدعوكم جميع ذلك إلى الحق، ويبصركم الهدى والرشاد وينهاكم عن الغي والضلال.

قوله (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) يعني ومن يتعلق بأسباب الله ويتمسك بدينه وطاعته فقد هدي يعني فقد وفق لطريق واضح، ومحجة مستقيمة غير معوجة فيستقيم به إلى رضا الله وإلى النجاة من عذاب الله، والفوز بجنته، ويعتصم يتمسك ولذلك سمي الحبل عصاماً أو يتمسك بأسباب تؤدي إلى سلامته ونجاته، وبداية الآية بالاستفهام بكيف بمعنى التعجب من النزوع إلى السلاح بين الأوس والخزرج بعد إسلامهم نتيجة الفتنة التي أشعلها اليهود بينهما.

ثم قال الله تعالى بعد ذلك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).

بعد التحذير من طاعة الذين أوتوا الكتاب جاء التحريض على طاعة الله والتمسك بشرعه والاعتصام والتمسك بمنهج الله وعدم التفرق، وهذه الآية بداية لهذا، ومعناها يا معشر من صدق الله ورسوله، اتقوا الله: خافوا الله وراقبوه بطاعته، واجتناب معاصيه حق تقاته يعني حق خوفه وهو أن يطاع فلا يعصى ويشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى.

وقوله (وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) يعني ولا تموتن أيها المؤمنون بالله ورسوله إلا وأنتم مسلمون لربكم، مذعنون له بالطاعة مخلصون له الألوهية، والعبادة، وقال بعض المفسرين أن قوله تعالى (اتقوا الله حق تقاته) منسوخ بقوله تعالى في سورة التغابن (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا واطيعوا) وعليها بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فيما استطاعوا.

Scroll to Top