يقول الله تعالى في سورة آل عمران (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ).

الراجح أن هذه الآية الكريمة نزلت في الأوس والخزرج، والمقصود بالذين أوتوا الكتاب هو شاس بن قيس اليهودي، ذلك أن قبائل الأنصار في المدينة ترجع إلى بطنين: الأوس والخزرج، وكان بينهما في الجاهلية حرب ودماء حتى من الله عليهم بالإسلام وبهجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأطفأ الله الحرب التي كانت بينهم وألف بينهم بالإسلام، فمر شاس بن قيس اليهودي وكان طاعنا في السن كبر في الجاهلية عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين، شديد الحسد لهم مر على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه فغاظه ما رأى من جماعتهم وألفتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية فقال: قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد وقيلة اسم امرأة تسمى قيلة بنت كاهل القضاعية وهي أم الأوس والخزرج، وقال والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار، فأمر شابا من اليهود وكان معه فقال اذهب إليهم فاجلس معهم وذكرهم يوم بعاث وما كان قبله وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار، وكان يوم بعثا يوما اقتتلت فيه الأوس والخزرج وبعاث موقع قريب من يثرب “المدينة” وهو آخر معركة بينهما كان النصر فيه للأوس على الخزرج، ففعل ذلك الشاب اليهودي ما أمره شاس بن قيس، فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب فتقاولا، ثم قال أحدهما لصاحبه إن شئتم رددناها الآن جذعة يعني يريد عودة الحرب قوية كما كانت وغضب الفريقان وقالوا: قد فعلنا السلاح السلاح موعدكم الظاهرة والظاهرة: حرة المدينة، فخرجوا إليها وتحاور الناس فانضمت الأوس بعضها إلى بعض والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه حتى جاءهم فقال يا معشر المسلمين، الله الله أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ هداكم الله إلى الإسلام وأكرمكم به وقطع به عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم به من الكفر وألف به بينكم ترجعون إلى ما كنتم عليها كفارا؟ فعرف القوم انها نزغه من الشيطان وكيد من عدوهم فألقوا السلاح من أيديهم وبكوا وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضا ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين طائعين.

وتفسير هذه الآية يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله وأقروا بما جاءهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم من عند الله إن تطيعوا جماعة من أهل التوراة والإنجيل فتقبلوا منهم ما يأمرونكم به يضلوكم فيردوكم بعد تصديقكم رسول ربكم جاحدين لما قد آمنتم به وصدقتموه من الحق الذي جاءكم من عند ربكم، فنهاهم سبحانه أن يقبلوا منهم رأيا أو مشورة ويعلمهم جل وعلا أن هؤلاء منطوون على غل وحسد وغسق وبغض.

Scroll to Top