ومعنى هذه الآية قل يا محمد قل ليهود بني إسرائيل وغيرهم ممكن كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم وجحد نبوته، قل لهم: لم تجحدون بآيات الله أي بحجج الله التي آتاها محمدا في كذبكم وغيرها من الكتب التي تثبت عليكم وصدقه ونبوته وأنتم تعلمون صدقه، وقوله (وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ) يعني والله شاهد على تعمدكم الكفر بالله وبرسوله على علم منهم ومعرفة من كفرهم.
ثم قال الله تعالى بعد ذلك (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
معنى هذه الآية يا معشر يهود بني إسرائيل لم تضلون عن طريق الله وصراطه المستقيم من صدق بالله ورسوله وما جاء به من عند الله، تبغون لأهل دين الله عوجاً بعني ضلالا عن الحق وزيفا ع الاستقامة على الهدى، وقوله (وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ) يعني شهداء على أن الذي تضلون وتصدون عنه حق تعلمونه وتجدونه في كتبكم، وقوله (وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) يعني ليس الله بغافل عن أعمالكم التي تعملونها مما لا يرضاه لعباده وغير ذلك من أعمالكم حتى يعاجلكم بالعقوبة عليها معجلة أو يؤخر ذلك لكم حتى تلقوه فيجازيكم عليها.
وقد ذكر أن هاتين الآيتين نزلتا في رجل من اليهود حاول الفتنة بين الأوس والخزرج بعد الإسلام ليراجعوا ما كانوا عليه في جاهليتهم من العداوة والبغضاء، فعنفه الله بفعله ذلك وقبح له ما فعل، ووبخه عليه، ووعظ أيضا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهاهم عن الافتراق وأمرهم بالاجتماع والائتلاف.

