قوله (إن الذين يكفرون بآيات الله) يعني الذين يجحدون حجج الله وعلاماته فيكذبون بها من أهل الكتاب النصارى واليهود.
قوله (ويقتلون النبيين بغير حق) يعني أنهم مع جحودهم بالله يقتلون رسل الله الذين كانوا يرسلون إليهم مثل زكريا وابنه يحيى ومثلهما من أنبياء الله.
قوله (ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس) يعني يقتلون الذين يأمروهم بالعدل في أمر الله ونهيه، الذين ينهونهم عن قتل أنبياء الله وركوب معاصيه.
قوله (فبشرهم بعذاب أليم) فأخبرهم يا محمد وأعلمهم أن لهم عند الله عذابا مؤلما لهم وهو الموجع والعادة عند العرب أن البشارة تكون في الأمورالسعيدة، وهذه البشارة بالعذاب الأليم هي من باب السخرية وأنهم بفعلهم هذا من الجحود وقتل الأنبياء وقتل الذين يأمرون بالقسط يستحقون هذا العذاب الأليم الموجع.
ثم قال الله تعالى بعد ذلك (أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ومالهم من ناصرين).
قوله (أولئك) إشارة إلى الذين كفروا بآيات الله، ومعنى ذلك: عن الذين ذكرناهم هم الذين حبطت أعمالهم: يعني بطلت أعمالهم في الدنيا والآخرة، وقوله (في الدنيا) لم ينالوا بأعمالهم محمدة ولا ثناء من الناس لأنهم كانوا على ضلال وباطل ولم يرفع الله لهم في الدنيا ذكرا حسنا بل لعنهم وهتك استارهم، وأبدى ما كانوا يخفون من قبائح أعمالهم، على ألسن انبيائه ورسله في كتبه التي أنزلها عليهم، فأبقى لهم ما بقيت الدنيا مذمة فذلك هبوط أعمالهم في الدنيا، وقوله (والآخرة) فإنه أعد لهم فيها من العقاب ما وصف في كتابه سبحانه وأعلم عباده أن أعمال الكافرين تصير بورا لا ثواب لها لأنها كانت كفرا بالله فجزاء أهلها الخلود في الجحيم.
وقوله (وما لهم من ناصرين) فإنه يعني وما لهؤلاء القوم من ناصر ينصرهم من الله إذا هو أنتقم منهم بما سلف من أجرامهم واجترائهم على الله فليس لهم منقذ من عقاب الله.

