يقول الله تعالى في سورة آل عمران (ألم، الله لا إله إلا هو الحي القيوم).

قوله (ألم) سبق في سورة البقرة أن ارجح الأقوال فيها أن هذا القرآن يتكون أيها العرب من الحروف التي تنطقونها وهو معجز لكم لأنكم لا تستطيعون أن تأتوا بمثل آية منه.

قوله (الله) هو أعظم أسماء الله جل وعلا، قوله (لا إله إلا هو الحي القيوم) أخبر الله جل وعلا عباده أن الألوهية خاصة به دون ما سواه من الآلهة والانداد وأن العبادة لا تصلح ولا تجوز إلا له لانفراده بالربوبية وتوحده بالألوهية، وأن كل ما دونه فملكه وأن كل ما سواه فخلقه، لا شريك له في سلطانه وملكه، يخبرهم جل وعلا ويقيم الحجة على عباده فغير جائز لهم عبادة غيره ولا إشراك احد معه في سلطانه، وعلى العباد إفراد الطاعة له سبحانه وصرف خدمتهم إلى مولاهم ورازقهم، وهذا الخبر من الله يعرف من كان من خلقه يوم انزل ذلك إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وإرساله صلى الله عليه وسلم إليهم أن من كان مقيما على عبادة وثن أو صنم أو شمس أو قمر أو إنس أو ملك أو غير ذلك من الأشياء أنه مقيم على ضلالة ومنعزل عن المحجة وراكب غير السبيل المستقيم.

وقد ذكر كثير من العلماء والمفسرين أن هذه السورة ابتدأ الله بتنزيله فاتحتها من نفي الألوهية أن تكون لغير الله احتجاجا منه سبحانه بذلك على طائفة من النصارى، قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من نجران، فحاجوه في عيسى صلوات الله عليه وألحدوا في الله، فأنزل الله عز وجل في أمرهم وأمر عيسى من هذه السورة (آل عمران) أكثر من ثلاثين آية من أولها احتجاجا عليهم، وعلى من كان على مثل مقالتهم لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فأبوا إلا المقام على ضلالتهم وكفرهم، وانصرفوا إلى بلادهم.

قوله (الحي القيوم) ومعنى الحي: ان له – سبحانه – الحياة الدائمة التي لا فناء لها ولا انقطاع، ونفى عنها ما هو حال بكل ذي حياة من خلقه من الفناء وانقطاع الحياة عند مجئ اجله، فأخبر عباده انه – جل وعلا – المستوجب على خلقه العبادة والألوهية والحي الذي لا يموت ولا يبيد وكل شيء دونه يفنى ويبيد، فلا يكون إلها وأن الإله هو الدائم الذي لا يموت ولا يفنى وذلك هو الله الذي لا إله إلا هو.

ومعنى (القيوم) هو القيم يحفظ كل شيء ورزقه وتدبيره وتصريفه فيما شاء وأحب من تغيير وتبديل وزيادة ونقص وهذا وصف من الله تعالى وصف به نفسه بأنه القائم بأمر كل شيء من قول العرب، فلان قائم بأمر هذه البلدة معناه المتولي تدبير أمرها وهو الدائم المستمر على هذا لا يكل سبحانه ولا يمل.

Scroll to Top