قوله (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) يعني للنفس التي اخبر الله انه لا يكلفها إلا وسعها يقول: لكل نفس ما عملت من خير وعليها ما عملت من شر من عمل اليد والرجل واللسان ولكن لا يؤاخذها بوسوسة إن عرضت لها ولا بخطرة إن خطرت بقلبها، او تهمة إن همت، قوله (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) هذا تعليم من الله عز وجل عباده المؤمنين كيف يدعونه، وما يقولن في دعائهم إياه، والمعنى ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا شيئا فرضت علينا عمله فلم نعمله أو أخطأنا في فعل شيء نهيتنا عن فعله ففعلناه على غير مقصد منا إلى معصيتك ولكن على جهالة منا به، قوله (رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) الامر معناه في اللغة: الثقل، العهد مثل قوله (قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي) أي عهدي والمعنى ولا تحمل علينا عهدا فنعجز عن القيام به ولا نستطيعه كما حملته على الذين من قبلنا يعني على اليهود والنصارى الذين أخذت عليهم العهود فلم يقوموا بها، قوله (رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) أي لا تكلفنا من الأعمال ما لا نطيق القيام به لثقل حمله علينا، قوله (وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا) علمهم الله أن يسألوه أن يغفر لهم عن التقصير إن كان منهم في بعض ما أمرهم به من فرائضه وأن يستر علينا زلة إن أتيناها فيما بيننا وبينك فلا تكشفها ولا تفضحنا بإظهارها، قوله (وَارْحَمْنَا) اشملنا منك برحمة تنجينا بها من عقابك فإنه ليس بناج من عقابك أحد إلا برحمتك أياه دون عمله، قوله (أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) يعني أنت ولينا بنصرك دون من عاداك وكفر بك فأنت ولي من اطاعك وعدو من كفر بك فعصاك فانصرنا على القوم الكافرين الذين جحدوا وحدانيتك وعبدوا الآلهة والانداد، وقد ذكر العلماء أن الله عز وجل لما أنزل هذه الآية على رسوله فتلاها استجاب الله له في ذلك كله.
قوله (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) يعني إلا بما يسعها، فلا يضيق عليها ولا يجهدها من قولهم ويعنى هذا الأمر وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: هم المؤمنون وسع الله عليهم أمر دينهم ومن مثله قوله تعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وقال (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) وقال (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).


