القول الراجح في سبب نزول هذه الآية هو أنها نزلت في وفد نجران الذين قدموا على الرسول صلى الله عليه وسلم، يجادلونه في أمر نبي الله عيسى عليه السلام، وفي هذه الآية أمر الله سبحانه نبيه محمدا أن يقول لوفد نصارى نجران إن كنتم تزعمون أنكم تحبون الله وأنكم تعظمون المسيح، وتقولون فيه ما تقولون حبا منكم لربكم، فحققوا قولكم الذي تقولونه إن كنتم صادقين باتباعكم إياي فإنكم تعلمون أني رسول الله إليكم، كما كان عيسى رسولا إلى من ارسل إليه، فإنه إن اتبعتموني وصدقتموني على ما أتيتكم به من عند الله يغفر لكم ذنوبكم فيصفح لكم عن العقوبة عليها، ويعفو لكم عما مضى منها، فإنه غفور لذنوب عباده المؤمنين، رحيم بهم وبغيرهم من خلقه والمحبة لله ورسوله الطاعة لهما واتباع أمرهما كما ورد في هذه الآية، ومحبة الله للعباد وانعامه عليهم بالغفران والصفح عن الذنوب، وقوله سبحانه (إن الله لا يحب الكافرين) أي لا يغفر لهم.
ثم قال سبحانه بعد ذلك (قل أطيعوا الله والرسول، فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين) يعني: قل يا محمد لهؤلاء الوفد من نصارى نجران اطيعوا الله والرسول محمدا فإنكم قد علمتم يقينا أن محمد رسولي إلى خلقي، ابتعثته بالحق تجدونه مكتوبا عندكم في الإنجيل فإن تولوا فاستدبروا عما دعوتهم إليه من ذلك واعرضوا عنه، فاعلمهم أن الله لا يحب من كفر وجحد ما عرف من الحق، وأنكره بعد علمه وأنهم من الكافرين بجحودهم نبوتك وأنكارهم الحق الذي أنت عليه بعد علمهم بصحة أمرك وحقيقة نبوتك.

