من الرجال الذين قال عنهم الله تعالى (سيماهم في وجوههم)، سمح متسامح، نموذج للعلماء الراسخين في العلم، عرفناه مصدرا للفتوى فيما يواجه المجتمع من مشاكل اجتماعية أو قضايا حيوية، اكتسب مكانة مرموقة في قلوب أهل الكويت مشاركا أفراحهم وأتراحهم، عُرِف بوجهه الهادئ البشوش، يدرك حكمة الله في قوله (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) عميق الفكر متواضع، مخلص لعمله، يتوخى الاعتدال في فتاواه بما يتفق مع نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، اشتهر بمنهجه المعتدل، فهو غني عن التعريف، إنه رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي د.خالد المذكور، في حوارنا معه قدّم لنا خارطة للتعامل مع القضايا العصرية بحكمة وروية وجاءت الإجابات هادئة بفكر وسطي معتدل.. فإلى نص الحوار:
ماذا تقول حول ما يسمى بـ«صفقة القرن»؟
٭ القدس ليست صفقة ولن يضر فلسطين وأهلها المرابطين من خذلهم. هذه الصفقة تهدف إلى تكريس احتلال فلسطين وتمنح أرض فلسطين والقدس لعدو غاصب، فالقدس الشريف قضية عقيدة تمس جميع المسلمين في أنحاء العالم.
وماذا إذا استمرت هذه المحاولات والصفقات؟ ٭ ستمضي هباء بإذن الله ولن يضر القدس وأهلها المرابطين من خذلهم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لاتزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم، من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك”.
فالقدس ليست صفقة للتداول، لأن مكانة القدس تنبع من المصادر الشرعية في القرآن الكريم والسنة المطهرة ومنها قوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير). وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى».
مما يدل دلالات واضحة على قدسية القدس والمسجد الأقصى ومحوريتهما عند المسلمين.
ونحن نستنكر ما جاء في تلك الصفقة من إضاعة حقوق الشعب الفلسطيني واللاجئين الفلسطينيين وضم أراضي فلسطين بما فيها القدس الشريف إلى المحتل الغاصب بما يعني طمس الهوية الإسلامية لمدينة القدس التي تضم المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين.
ما رأيك في موقف دولة الكويت؟
٭ أثمّن موقف دولة الكويت الرسمي والشعبي الداعم للشعب الفلسطيني ولحقوقه المشروعة الداعم للقضية الفلسطينية وتبنيها رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، داعيا جميع المنظمات الدولية ومنظمة التعاون الإسلامي الى دعم قضية القدس وفلسطين بجميع الوسائل المشروعة.
ما تعليقكم على ما قام به صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد – حفظه الله – من رأب الصدع والسعي للصلح بين الإخوة العرب؟
٭ سمو الأمير – حفظه الله – رجل محنك وله خبرة عالمية باعتبار أنه كان وزيرا للخارجية لمدة طويلة، وهو راسخ في الدبلوماسية الدولية، كما أنه كان يحضر اجتماعات متعددة للأمم المتحدة ويلقي الكلمات باسم دولة الكويت، والمعروف عن دولة الكويت أنها دوما واسطة خير في فض النزاعات الموجودة في المنطقة، ويبادر للسعي بالصلح بين الأخوة، وهذا من صلة الرحم، ونوع من التوازن السياسي وكذلك هناك زيارات متبادلة يقوم بها سموه لرؤساء وملوك وأمراء الدول، وبحمد الله توج هذا العمل من قبل الأمم المتحدة، حيث تم تتويجه أميرا للإنسانية ومازال سموه، نسأل الله له الصحة والعافية يقوم بهذه المهام.
يمتاز الشعب الكويتي بوجود صلة قوية بين الحاكم والمحكوم لا نجدها في كثير من البلدان الأخرى.. فما تعليقكم؟
٭ الشعب الكويتي شعب مترابط، وجسور التواصل بين حكام الكويت والشعب قوية على مر تاريخ حكامها منذ نشأة الكويت تحكمها أواصر وقيم قوية، يتحلون بالتواضع والأخلاق، فأتذكر يوم زواج ابني «وليد» وكان سمو الأمير وقتها وزيرا للخارجية جاء أحد الحضور وأخبرني بأن الشيخ صباح الأحمد واقف في طابور المهنئين، وهذا يدل على تواضع سموه، وعندما تجلس معه تشعر بالاطمئنان ولا تشعر برهبة الحاكم.
كما جمعتني عدة مواقف مع سموه عندما اختارني لأكون عضوا في المجلس الأعلى للإعلام، واستضافني في مكتبه، وأحيانا تجمعني به أثناء عقد زواج عندما أكون ذاهبا لكي أعقد الزواج كمأذون شرعي، وأحيانا أحضر لبعض الزيجات باعتباري شاهدا مع سمو ولي العهد فيدور بيننا كلام طيب حول الزواج. وهذا يدل على طبيعة حكام الكويت كلهم في اندماجهم مع شعبهم وحبهم لمواطنيهم وحب مواطنيهم لهم.
وأذكر موقفا مع أمير القلوب الشيخ جابر – رحمه الله – مثله مثل جميع حكام الكويت في مشاركة أهلها في أفراحهم وأتراحهم، فعندما توفي والدي – رحمه الله – جاء سموه إلى بيتي ليعزيني ثم زرته مرة أخرى لأشكره على التعزية وكان الشيخ جابر – رحمه الله – يستفتيني في بعض الأمور الشخصية والعائلية، وعندما كنت أدخل عليه أقدم له تقريرا، لا إنجازا، وهو جالس في مكتبه، وبعدما ينتهي سموه يسألني: هل عندك شيء؟ فأقول: لا خلصت، فيقول الآن تكلمني باعتباري أمير البلاد، لكن سأنتقل من المكتب وأجلس هنا وأنت تجلس بجانبي، لأن المسألة تتعلق بصفتي الشخصية باعتباري جابر الأحمد كمواطن، وليس باعتباري أمير البلاد، وكان يقوم من كرسيه ويجلس معي عندما يريد أن يستفتيني في شيء شخصي – رحمه الله – وهذه من الأمور التي لا أنساها له، كما كان حين يجيء موعد الصلاة كان يقدمني للصلاة على الرغم من أنه كان يؤم الموظفين في الديوان الأميري وقت صلاة الظهر، كما استضافني – جزاه الله خيرا – في ذهابه آخر مرة للحج عام 2003 – رحمه الله وطيب ثراه.
اختارك سمو الأمير الشيخ جابر – رحمه الله – لتكون ضمن لجنة لتقديم مقترحات لتفعيل منظمة التعاون الإسلامي.. فماذا تم؟
٭ عندما تخرجت وعدت للكويت اختارني سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد عندما تسلم منظمة التعاون الإسلامي د.عبد العزيز كامل – رحمه الله – وكان مستشارا للأمير ورئيس جامعة الكويت وكان من قبل وزيرا للأوقاف في مصر، للجنة لوضع الأسس التي اختارها الأمير لتقديمها إلى منظمة التعاون الإسلامي، وكنت أنا والدكتور عبد العزيز كامل ووكيل وزارة الخارجية الأخ سليمان ماجد الشاهين، حيث وضعنا بعض الأمور المقترحة، وكان مما اقترحته تفعيل مجمع الفقه الإسلامي الدولي الذي يجمع فقهاء العالم الإسلامي، وكلفني الأمير بأن أتصل بأمين مجمع الفقه الإسلامي لكي يزور الكويت، وبالفعل زار الكويت والتقينا مع سمو الأمير الشيخ جابر – رحمه الله – وشرح كل ما يتعلق بمجمع الفقه الإسلامي، وأقام دورة من الدورات في دولة الكويت، وكنت أنا عريف الحفل الذي حضره سمو الأمير في قصر بيان بحضور علماء من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وبالتالي استمررت خبيرا في مجمع الفقه الإسلامي الى الآن، وأحضر دوراته في جميع الدول سواء في السعودية أو في الكويت أو في غيرها من الدول.
ما رأيكم فيمن ينادي بتطوير الخطاب الديني؟
٭ لا أدري ما المقصود بتطوير الخطاب الديني، لاسيما أن هناك مجامع فقهية تبحث مسائل اجتهادية ومعاصرة في مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي. كما تأتي فتاوى إلى دور الإفتاء أسئلة كثيرة ونستعين بمتخصصين سواء في التربية أو الاقتصاد الإسلامي أو الطب وغيره. وفي الكويت المنظمة الإسلامية في العلوم الطبية التي تجمع بين الفقهاء والأطباء في القضايا الطبية المعاصرة، وهناك تطوير الاقتصاد الإسلامي بفروعه الثلاثة في المصارف والشركات المالية والاستثمارية وسوق المال، وهناك أشياء كثيرة تبحث وتستعين بها المجامع مثل مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر ومتخصصون في هذا المجال، ولا تخلو دورة من الدورات إلا ويشارك فيها باحثون يستفيد منهم المجتمع الإسلامي، وهذا الذي نريده أن يكون خريج العلم الشرعي متفهما لما يحدث، فينبغي مراسلة ودعوة الحكماء غير المسلمين في الندوات والمؤتمرات الإسلامية لكي يسمعوا ويعرفوا كيف عالج الإسلام هذه القضايا.
هل المناهج الدراسية الحالية بحاجة الى تغيير؟
٭ مناهج التربية الإسلامية التي تدرس في مدارس الكويت جيدة وخضعت هذه المناهج لتربويين وخبراء في المجال التربوي ولجان محددة ولجان إشرافية وما إلى ذلك، وهذه المناهج منذ مدة طويلة وجرى عليها التطوير والتجديد فلا داعي لتغييرها حتى تؤدي الغرض المطلوب منها.
ماذا تقول عن أنصاف المتعلمين الذين يظهرون على وسائل الاتصال للفتوى والرد على أسئلة السائلين؟ وهل للمفتي شروط ضرورية؟
٭ نحن لا نحجر على من يفتي، ولكن يجب أن تتوافر لديه شروط تؤهله للإفتاء بأن يكون متخصصا في الفقه الإسلامي ومتخصصا في أصول الفقه، وأن يكون خبيرا في هذا المجال، وأن يجمع في خبرته بين آراء الفقهاء، وأن يكون ثقة في مجال الإفتاء، هذه الشروط إذا تحققت فلا بأس بأن يفتي، لكن الإفتاء الجماعي هو الأولى والأحسن والأفضل والأكمل، ولكن بعض القنوات الفضائية تريد الشهرة والإثارة، وهناك من يستجيب لها مع الأسف الشديد، لذلك على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة أن تتحرى الدقة فيما يتعلق بالفتاوى وتتقي الله تعالى. وقد نوقشت مرات ومرات في ندوات الإفتاء هذه المسألة ووضعت ضوابط لها وشروط بأن يكون المفتي له تخصص في الفقه، خبير في المسألة ولا يفتي أحد في تخصص غيره.
هل من الممكن أن نستغني عن التراث الإسلامي لتطور العصر؟
٭ لا يستغنى عن التراث الإسلامي ويجب الرجوع إليه للاستفادة مع بحث القضايا المعاصرة، فلا بد أن نرجع للأسس والثوابت لأن فيها أدلة من القرآن الكريم والسنة وما يتعلق بالإجماع والقياس مع مراعاة ظروف المكان والزمان.
هل يجوز التعامل بالعملات المشفرة «البيتكوين والإثريوم»؟
٭ الحكم في العملة المشفرة مازالت الأبحاث فيها ولكن أميل الى عدم العمل بها لأنها عويصة وفيها أمور كثيرة يدخل فيها نوع من الشبهة.
هل مرض كورونا عقاب من الله تعالى؟
٭ هي أمراض مرت على مدار الزمان مثل الطاعون والجدري، فالكويت في القرنين الثامن عشر أو التاسع عشر أصيب أهلها بالطاعون ومات نصف الأهالي، وهذه أمراض.
هل للفقيه عند سؤاله ترجيح أي من الآراء أم عليه الاكتفاء بعرضها فقط؟ وأيها يتبع السائل؟
٭ ينبغي أن يرجح الآراء فلو أحد طلب أن يستفتيني فأقول له هناك آراء وأشرح آراء الفقهاء لطلاب العلم وأعطيه الراجح الذي أراه راجحا.
ماذا تقول في وسائل الاتصال الحديثة التي تسيء للآخرين؟
٭ وسائل الاتصال الاجتماعي من واتساب وتويتر وإلى ذلك لابد أن تكون لها ضوابط من الناحية الشرعية، وهذا الكلام الذي يشمل سبا أو شتما أو أخبارا كاذبة أو إشاعات لقوله تعالى: (إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم) فيجب على من يكتب في وسائل التواصل الاجتماعي أن يتقي الله تعالى وأن ينشر الخير والفضيلة، وهناك مواقع تاريخية مفيدة وأخرى إيمانية وثقافية. كما ينبغي التيقن من الخبر قبل نشره (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة..) فينبغي ألا يسرع الإنسان ويقوم بنشر الخبر على الملايين دون التأكد منه، وقد أصبح هناك ما يتعلق بالضبط في القضاء وملاحقة هؤلاء الذين يثيرون الفتن.
ما دور جمعية الإصلاح في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة؟
٭ من ضمن النظام الأساسي أن نتابع ما يجري في الأمة الإسلامية من مآسي ومن جوع وفقر وعندنا مجلة المجتمع وهي مجلة إسلامية مكتوبة وإلكترونية تساهم في جميع القضايا منها قضية القدس وفلسطين والدفاع عنها، وفيما يتعلق بالكوارث أو اللاجئين المسلمين في الصين والروهينغا وغيرها ونناقش هذه القضايا دوما ولدينا بعض الوقائع ونحن نتكلم فيها عن الواقع وليس إثارة العواطف.
وأثمن موقف دولة الكويت أميرا وحكومة ومجلس الأمة في موقفهم في قضية فلسطين وغيرها.
ما نوع التنسيق بين جمعية الإصلاح ووزارة الخارجية؟
٭ هناك تنسيق وهذا نوع من الانضباط وحسب شروط وزارة الخارجية، وحتى تتم مساعدة الجمعيات الخيرية لابد أن تكون تلك المراكز معتمدة من وزارة الخارجية، وهذا يتم بالتنسيق مع سفارات الكويت في الخارج، ومن ثم عند اعتمادها من وزارة الخارجية التي لا تمانع في أن يكون هناك عطاء مبالغ نقدية، لكن لا بد أن يكون بواسطة جمعية من الجمعيات الخيرية المعترف بها للتنسيق في إيصال المساعدات، فعلى سبيل المثال، بيت الزكاة، وجمعية عبد الله النوري والهيئة الخيرية الإسلامية وغيرها عندما يشرعون في نقل الأموال إلى المحتاجين في الخارج لا بد من إخطار وزارة الخارجية وإخطار السفارة المعنية في البلد الذي يكون فيه النشاط الخيري.
هل استفادت جمعية الإصلاح الاجتماعي من تجربتكم من لجنة العمل على استكمال تطبيق الشريعة الإسلامية؟
٭ باعتباري كنت رئيسا للجنة في تعديل القوانين وفيما يتعلق بأمور التربية وغيرها، وضعت خبرتي لجمعية الإصلاح فإذا صارت هناك فرصة لقانون أو تعديل قانون أعطيتها.
ما الذي تتمنى تطويره بجمعية الإصلاح في عام 2020؟
٭ الحمد لله النشاط قائم، والآن كنا بصدد مناقشة مشروع قانون العمل الخيري، وتمت مناقشته بالاتفاق مع الجمعيات الخيرية العام الماضي، وناقشناه مع اللجنة الاجتماعية في اللجنة التشريعية في مجلس الأمة، ونحن الآن بصدد أن يعرض على مجلس الأمة حتى يقرّ، وأتمنى أن يبتّ فيه مجلس الأمة لأنه يعطي مزيدا من النشاط والوجود من خلال القانون الذي يضبط الجمعيات الخيرية، إذ نحن وجمعية إحياء التراث مع اتحاد الجمعيات والذي يعتبر مظلة تستظل بها الجمعيات والمبرات الخيرية، وهذا الاتحاد برئاسة العم خالد العيسى، ونحن أعضاء في مجلس إدارة الاتحاد.
ما مدى التعاون بين جمعية الإصلاح الاجتماعي ومؤسسات الدولة؟
٭ يوجد تعاون بين جمعية الإصلاح ومؤسسات الدولة من أجل الصالح العام والحفاظ على وحدة الشعب الكويتي، والتعاون قائم بين مؤسسات الدولة، سواء وزارات أو هيئات أو جمعيات، كما أن جمعية الإصلاح صلتها مباشرة مع صاحب السمو وسمو ولي العهد في المناسبات واللقاءات، والجمعية حريصة على أمن البلد، وحريصة على البعد عما يثير الكراهية والأحقاد، وعلى أن يكون هذا البلد مستقرا، ولا بد من التعاون، وبحمد الله الجمعيات الخيرية والمبرات متعددة في الكويت، وهناك اتحاد يجمع هذه الجمعيات والمبرات، وهناك تنسيق بينها، وهناك لجنة تسمى «لجنة الإغاثة»، وهي تعرف في النكبات والزلازل والفيضانات والمجاعات التي تضرب بعض الدول، وما يتعرض له المسلمون من اضطهاد في ميانمار وغيرها، حيث تجتمع لجنة الإغاثة وكل جمعية لها مندوبها في اللجنة، حيث يعملون على مساعدة المحتاجين في النكبات.
كان لجمعية الإصلاح الاجتماعي دور واضح خلال الاحتلال العراقي الغاشم، فما أثره؟
٭ نعم، كان لها دور مشهود خلال الاحتلال داخل الكويت وخارجها في جمع الكلمة ووحدة الصف والحفاظ على أمن الكويت واستقرارها، وكان لأعضاء الجمعية دور بطولي في ذلك من شباب ورجال ونساء مهيئين بما تلقوه من تربية سابقة على الصبر والثبات لتحمل مشاق أي كارثة أو مصيبة تصيبهم، لذلك تلقوا الصدمة الأولى للغزو لبلدهم الكويت بكل ثبات، فأسرعوا في العمل بالتعاون مع باقي الجمعيات الخيرية والقوى الشعبية في تشكيل لجان التكافل الاجتماعي التي جسدت صور الصمود والتعاون بين جميع أبناء المجتمع.
وخارج الكويت تم إنشاء الهيئة العالمية للتضامن مع الكويت، وشاركت الجمعية مشاركة فعالة في المؤتمر الشعبي الكويتي بجدة برئاسة رئيس مجلس إدارتها العم عبد الله المطوع، أبو بدر، رحمه الله.
كما قامت بدور كبير في رأب الصدع وتوحيد الصفوف أمام المجتمع الدولي ضد العدوان العراقي، وكان لجهود العم عبد الله المطوع دور بارز في إنجاح المؤتمر الكويتي بجدة برئاسته وكان ذلك بمشاركة الهيئة العالمية للتضامن مع الكويت التي تم إنشاؤها وقتذاك.
وقد جعلتنا ظروف الاحتلال أن نذوب كلنا في حب الكويت والدفاع عنها، وما يجمع أهل الكويت دائما ثلاثة أمور، إما نسب وصهر، وإما رضاع وإما جيرة، والكل يحافظ عليها، والدليل على هذا موقفنا وتلاحمنا وتراحمنا أيام الغزو العراقي، فلو نظرت للكويت أيام الاحتلال لأخذت الدروس والعبر الكثيرة جدا، فالوطن غال على الجميع، وهذا الاتفاق والحب يجب أن يسودا حياتنا الآن.
هل هناك نية لإنشاء أفرع أخرى للزكاة في جمعية الإصلاح؟
٭ الآن توجد لجنة نماء للزكاة والتنمية المجتمعية، هذه اللجنة تغطي داخل الكويت ولديها حملات زكوية خاصة في المواسم، في رمضان وعند افتتاح المدارس وفي الأعياد ولها نشاط كبير.
ولجمعية الإصلاح فرع الجهراء، وهناك نشاطات اجتماعية توزع على المحافظات من نشاط اجتماعي في محافظة الأحمدي، حيث نؤجر بيتا لممارسة النشاط الدعوي أو المحاضرات بالتعاون مع وزارة التربية وتنمية المجتمع، كما يوجد مكتب للجاليات يهتم بالجاليات المسلمة غير العربية، ولدينا طلبة استقدمناهم وتم التنسيق مع وزارة الأوقاف لكي يدرسوا في المعهد الديني والجامعة، ونستقبل المتفوقين ونعمل لهم حفلا ويكرمون فيه.
ما أهم الأنشطة التي تقدمها الجمعية؟
٭ نعد في كل سنة جديدة قائمة بالنشاطات التي تقدمها الجمعية المتنوعة، منها نشاطات دائمة وأخرى أسبوعية أو دورية، ونشاطات موسمية كمعرض الكتاب الذي تقيمه الجمعية كل سنة. والمؤتمر العام لجمعية الإصلاح فيما يتعلق بقضايا المجتمع سواء اجتماعية أو تنموية أو ثقافية أو تربوية وهناك نشاطات أخرى للأمانة العامة للنساء لها نشاطات خاصة للقرآن الكريم والمسابقات منها الاشتراك في المسابقة الدولية الكبرى، وهناك قطاعات الصحبة الصالحة وقطاع الشباب بأنشطتهم المتعلقة بالرياضة والخدمات الأخرى سواء في فترة الشتاء أو حتى في فترة الصيف من مسابقات، لقاءات داخل الكويت وخارجها، منها: رحلات للعمرة والمكوث في المدينة المنورة لحفظ القرآن فالأنشطة على مدارس السنة كلها. وهناك استقبال شهر رمضان واستقبال عيد الفطر وعيد الأضحى. ويقوم قسم العلاقات العامة بعمل كتيبات تتعلق بعدة جوانب، مثل ذكرى الاحتلال والتحرير واستقلال الكويت وغيرها وهناك مجالات إيمانية تقام كل شهر، باليوم الإيماني يوم الاثنين وتبعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم يكون يوم صوم وإفطار جماعي ثم تقدم خاطرة إيمانية يلقيها علماء في الشريعة ثم بعد صلاة العشاء قيام ليل من 4 ركعات وهذه النشاطات مستمرة. ومع بداية شهر أكتوبر حتى شهر رمضان هناك ديوانية أسبوعية للرواد وهم أعضاء الجمعية السابقون وأغلبهم متقاعدون.
ماذا تقدم لجنة الوفاء بجمعية الإصلاح؟
٭ هذه اللجنة تقوم بالتواصل الاجتماعي لمن قدموا خدمات للجمعية سواء من كانوا على قيد الحياة أو توفاهم الله، تستضيف أولاد من توفاهم الله كما تقوم اللجنة بعيادة المرضى والتعزية والمشاركة في الأفراح، ويقام سنويا مهرجان الوفاء.
تنشط الجمعيات الخيرية في شهر رمضان.. فماذا أعدت جمعية الإصلاح؟
٭ رمضان موسم خير وطاعة وتقرب إلى الله تأخذ الجمعية أهبتها في شهر رمضان بإعداد أماكن اعتكاف في المساجد بالتعاون مع وزارة الأوقاف وتنشط الجمعية من خلال «نماء» في جمع الزكوات والصدقات وتوزيعها سواء مادية أو تموينية، وتقام ولائم الإفطار في الجمعية تكون خيمة وفي المحافظات أيضا بالاتفاق مع المطاعم والمحسنين يقدمون هذه الولائم، وتكون هناك دروس العصر الرمضانية في المساجد بالتنسيق مع الأوقاف كذلك تعد مسابقات للقرآن الكريم في شهر رمضان وتوزيع الجوائز، ثم جمع زكاة الفطر، واستقبال الضيوف الذين يأتون من خارج الكويت من أوروبا وبعض البلاد العربية من وفود نستقبلهم ونوجههم لأهل الخير.
وما أبرز أنشطة الجمعية للشباب في الشهر الكريم؟
٭ المعتكف القرآني الرمضاني يبدأ من أول رمضان في مساجد كل من: الفروانية، الجهراء، حولي، الأحمدي، مبارك الكبير والعاصمة. والمعتكف للبنين فقط من سن 9 ـ 13 سنة وتحدد الفئة المختارة لحفظ جزء أو حزب من القرآن وتقدم مكافأة مالية للمتميزين بالتعاون مع وزارة الأوقاف. وهناك تنافس في الرياضة عن طريق قطاع الشباب بالإصلاح حيث تضع الجمعية الشباب ضمن أولوياتها في النظام الأساسي للمحافظة على المجتمع الكويتي ووقاية من الفساد. ولدينا لجنة الصحبة الصالحة دون سن البلوغ وتقام الأنشطة القرآنية والرياضية والتربوية والإيمانية والرحلات ومنها زيارات للمخيمات السورية وأيضا إلى اليمن.
كيف ترون تعزيز فكر الوسطية؟
٭ هناك أمران لتعزيز الوسطية، الأمر الأول ما يتعلق بثوابت ومبادئ الشريعة الإسلامية وهذه المبادئ والثوابت صالحة لكل العالم، تدعو إلى الأخلاق الفاضلة وتدعو إلى كل ما يدعو للإنسانية بصفة عامة من خلال قوله تعالى (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات)، هذا مبدأ قيم من مبادئ الشريعة أن بني آدم مهما كان لونه أو لغته فهو يكرم من عند الله وانطلاقا من قوله (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)، فكلمة الناس تشمل جميع الناس، والأمر الثاني: ترسيخ هذه القيم من عقول الشباب المسلم من خلال التربية الإسلامية وما تقوم به وزارة الأوقاف من خطب ومواعظ والتركيز على المبادئ الإسلامية الإنسانية وفيما يتعلق بمجاورة غير المسلمين عبر التاريخ الإسلامي تعني كلمة «الذميين» أن هؤلاء في ذمتنا ونحن مسؤولون أمام الله عنهم، هذه المبادئ إذا رسخت من خلال وزارات الأوقاف والتربية والإعلام وما تقوم به الأسر تعزز فكر الوسطية وترسخ عدم الكراهية والغلو.
كثرت أعداد الجمعيات الخيرية فما رأيكم في العمل الخيري؟
٭ العمل الخيري في الكويت قديم حتى قبل ظهور النفط عندما كان أهل الكويت فقراء يعتمدون على الغوص وعلى التجارة وكانت الكويت صغيرة تقع على ساحل البحر وكان أهلها محسنين يتفقدون الفقراء وهناك من كان يضع معونة أمام باب منزل لمساعدة أهله ولا يدري صاحب المنزل من وضعها، وتطور الخير إلى أن منّ الله بالنعم وزاد الخير فأنشئت الجمعيات الخيرية والمؤسسات كبيت الزكاة والأمانة العامة للأوقاف والجمعيات واللجان الخيرية داخل الكويت. فأصبحت الكويت مدرسة في العمل الخيري الإسلامي، ولذلك توج هذا العمل الخيري بإعطاء صاحب السمو الأمير هذا اللقب من أعلى منبر في العالم (الأمم المتحدة) إنه أمير الانسانية نتيجة لما قدمته دولة الكويت. ونعرف أن هناك مؤتمرات مانحة كانت أول مبادراتها من الكويت لسوريا وكذلك إعمار العراق وغيرها. فأصبحت الكويت مدرسة للعمل الخيري يقودها صاحب السمو الأمير والمحسنون في الكويت.
ترأست حملة «لنحقق حلمهم» الخاصة بفئة الصم بجمعية المنابر القرآنية.. فما هدف هذه الحملة؟ ولماذا ترأست هذه الحملة؟
٭ في الكويت 3 آلاف أصم يحتاجون للمساعدة على الاندماج في المجتمع فهم عيالنا قبل أي شيء، والحملة تسعى إلى تعليمهم القرآن الكريم وتحسين حياة الصم في المجتمع الكويتي، ونطمح في إقامة مركز قرآني متخصص للصم وإبراز حاجة الصم إلى تعلم القرآن الكريم وسائر ضروريات الدين والإسهام في تخريج الدعاة وحفظة القرآن من الصم، ومساعدتهم على تجاوز عقبة الإعاقة والاندماج في المجتمع، مع تنمية النواحي العلمية والمهنية والاجتماعية والدينية للصم، وزرع الثقة في نفوسهم وتوفير مترجمين بعدد كاف لخدمتهم بعد تأهيلهم وتعليمهم، مع كفالة الحلقات والمعلمين والحفاظ والدعاة من فئة الصم داخل الكويت.
رسالة توجهها لأبناء الكويت؟
٭ أقول إن هذا الوطن غال على الجميع والأوطان غالية لأن فيها الولادة وفيها عهود الصبا واللعب والدراسة والعادات والتقاليد والأصدقاء والزملاء والجيران، وهذه الأمور تثبت حب الوطن وما اعتدنا عليه من تراحم وتلاحم وصفاء ونقاء وما اعتدنا عليه في علاقتنا الاجتماعية بين الحاكم والمحكوم يجب أن نحافظ عليه فهذه ثوابت وأسس يجب أن نحافظ عليها. صحيح هناك اختلافات وجهات نظر نتيجة للتقارب الموجود في العالم وظروف عالمية قد تؤثر سلبا وإيجابا على المنطقة كلها بما فيها الكويت لكن تبقى الأسس والمبادئ موجودة.
وما يجمع أهل الكويت دائما ثلاثة أمور، إما نسب وصهر وإما رضاع وإما جيرة والكل يحافظ عليه والدليل على هذا موقفنا وتلاحمنا وتراحمنا أيام الاحتلال الذي كان مليئا بالدروس والعبر.
كلمة أخيرة
٭ أشكر جريدة «الأنباء» على ما تقدمه من تغطيات لكل الأحداث بمصداقية وشفافية وأشيد بتميزها وتقديمها الإعلام الهادف وعرضها لقضايا المجتمع والإسلام بأسلوب هادئ وموضوعي وحضاري وبعدها عن الإثارة الإعلامية مما جعل لها مكانة رفيعة بين الصحف.