هناك من يقول إن التدخين ليس بحرام، ذلك أن الله أطلع النبي صلى الله عليه وسلم على كل شيئ، فلو كان حراما لأخبر عنه أو أشهد إليه، فهل التدخين حلالا أم حرام؟
يجيب عن هذه التساؤلات عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية ورئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي د ..خالد المذكور فيقول:
لم يرد نص في القرآن أو السنة بخصوص التدخين بأسمائه المختلفة وطريقة تناوله ومنذ ظهور الدخان – وهو تعاطي نبات «التبغ» وقد يسمى في بعض البلاد «النتن» و«التنباك» والفقهاء يختلفون في حكم تعاطيه سواء عن طريق السعوط أو المضغ أو النارجيلة او اللفائف «السجائر» فمنهم من رأى إباحته ومنهم من رأى كراهية، ومنهم من رأى حرمته، وكل ساق دليلا لقوله.
الإباحة
أوضح د.المذكور كل رأي على حدة: من قال بإباحته بنى ذلك على عدم ثبوت ضرره أو إسكاره أو تفتيره، ورأى أن الحرمة والكراهة حكمان شرعيان لابد لهما من دليل وليس هناك دليل لا من الكتاب ولا من السنة على تحريم أو كراهة التدخين.
واستدل القائلون بإباحة التدخين بقوله تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) وهذه الآية تفيد الانتفاع بجميع الأشياء التي لم يقم دليل على منعها بخصوصها ومنها التدخين.
كما استدلوا بقوله تعالى (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) وهذه الآية تفيد إباحة الانتفاع بكل المستطابات والدخان مستطاب عند بعض الناس.
ومن السنة استدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم «إن الله عزّ وجلّ فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها»، وهذا الحديث يفيد بأن ما سكت الله سبحانه عن بيان حكمه فهو مما عفا الله عنه والدخان مما سكت الله عنه، فهو مما عفا عنه وهو حلال.
وأضاف، والقاعدة الفقهية «الأصل في الأشياء الإباحة» وهذه القاعدة يندرج تحتها الدخان، حيث كان حادثا غير موجود زمن التشريع، وبناء على أدلتهم ينبغي للمرء إذا سئل عن التدخين أن يقول هو مباح لكن رائحته تستنكرها الطباع فهو مكروه طبعا لا شرعا.
واستدل القائلون بكراهته في القياس على البصل والثوم من حيث الرائحة وذلك بطريق الأولى، وأيضا استدلوا بالتشبه بأهل النار الذين يظهر الدخان من أفواههم وأنوفهم.
أدلة التحريم
واستدل القائلون بتحريمه إلى أنه مضر بالصحة بإخبار الثقات من الأطباء والمجربين وما كان ضارا حرم تعاطيه لعموم قوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) والمدخن يتعاطى أسباب الهلاك ويعرض نفسه للإصابة بكثير من الأمراض ولعموم قوله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) والمدخن يتناول ما كان سببا في القتل سواء كان بطريق مباشر أو غير مباشر سواء كان ذلك بشكل سريع أو بطيء لأن النتيجة واحدة، إذ في الدخان سموم كثيرة أشهرها القطران والنيكوتين والمدخن يدخلها في جوفه، وكون أضرار الدخان تدريجية هو الذي جعل بعض الناس يغفلون عن أخطاره ويشككون فيها، يقول الشيخ عليش من شيوخ المالكية المتأخرين: أخبر بعض مخالطي الإنجليز أنهم ما جلبوا الدخان لبلاد الإسلام إلا بعد إجماع أطبائهم على منعهم من ملازمته وأمرهم بالاقتصار على اليسير الذي لا يضر لتشريحهم رجلا مات باحتراق كبده وهو ملازمه فوجدوه ساريا في عروقه وعصبه ومسودا مخ عظامه وقلبه مثل إسفنجة يابسة، فمنعوه من مداومته وأمروه ببيعه للمسلمين لإضرارهم.
ثم يقول الشيخ عليش: فلو لم يكن فيه إلا هذا لكان باعثا للعقل على اجتنابه وقد نص الفقهاء على تحريم أكل السموم وكل ما فيه ضرر حفاظا على الصحة.
التدخين من الخبائث
وأكد د.المذكور أن التدخين خبيث عند ذوي الطباع السليمة، فالدخان طعمه رديء مستكره ورائحته منتنة منفرة مؤذية، وكل رائحة مؤذية فهي ممنوعة والدخان أشد رائحة من البصل والثوم ولو أدخلت عليه المحسنات، وقد ورد منع متناول البصل والثوم من دخول المسجد، وفرق بين الرائحة المنتنة والرائحة الكريهة والبصل والثوم ريحها مكروه وليس منتنا، والدخان ريحه منتن، ولذلك لا يجوز شرب الدخان في المساجد باتفاق الفقهاء قياسا على منع أكل الثوم والبصل في المساجد حتى تزول رائحة فمه، لأن المساجد إنما بنيت لعبادة الله فيجب تجنيبها المستقذرات والروائح الكريهة.
يصد عن ذكر الله
وأشار د.المذكور الى أن التدخين صد عن ذكر الله وعبادته، فالمدخن يجد الصيام في رمضان ثقيلا على نفسه، وكم يحمل المدخن في نفسه همّ شهر رمضان، ويتثاقل منه لأنه يمتنع فيه عن التدخين مدة الإمساك وهو غير قادر على ذلك، أما صيام النفل فلا تسأل عنه، كما يثقل عليه الاعتكاف في المسجد والتبكير إلى الصلاة وأكثر المدخنين يلقون السيجارة على باب المسجد ويدخلون بعد أن يسحب منها سحبات.
وأكد د.المذكور أن في التدخين ضررا على الاخلاق، فالمدخن يكون غضبا، يثور لأبسط الأسباب فلا يكون فيه سمت المؤمن بضبط الأعصاب والتصرف بحكمة وروية، كما أن في التدخين أضرارا اقتصادية، فكم أُحرقت أموال كثيرة بسبب سيجارة مشتعلة ألقاها مدخن أو نسيها بين أصابعه ونام عنها فوقعت على ثيابه واحترق هو بها، وأيضا إن في التدخين تفتيرا وخدرا لشاربه فيشارك أولية الخمر في نشوته، وقد قالت أم سلمة رضي الله عنها: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر».
وقال العلماء: المفتر كل ما يورث الفتور والخدر في الأطراف.
وأضاف: ولا شك أن هناك أدلة للقائلين بالتحريم وأدلة للقائلين بالإباحة وبناء على ذلك فقد جاء في الموسوعة الفقهية التي تصدرها وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت الجزء العاشر ما يلي: “ترى لجنة الموسوعة الفقهية أن الدخان يحرم إذا ثبت ضرره لبعض الناس ضررا صرفا خاليا من المنافع، سواء أكان الضرر في العقل أو البدن أو كان شاربه مضطرا إلى صرف ثمنه في حاجاته وحاجات عياله الأساسية فإن لم يكن كذلك فهو مكروه لأن رائحته كريهة منتنة ولأنه لا يخلو من نوع ضرر ولاسيما الإكثار منه فإن ضرره الصحي والمالي حينئذ محقق والقليل منه يجر إلى الكثير وخبث رائحته التي لا يشبهها سواها هو أهون مضاره الصحية والنفسية والمالية التي لا تحصى، مبتدئة من دخانه الذي يزعج من حول الشخص المدخن ويفسد هواء البيوت والأمكنة المغلقة إلى التهابات قصبات الرئة والسعال الشديد بفعل التسمم البطيء الذي يحدثه في الجسم بفعل ما فيه من القطران وبالمادة السمية التي كشفها التحليل الكيماوي فيه المسماة بـ «النيكوتين» إلى سرطان الرئة، هذا المرض الشنيع المميت الذي يقف الطب حتى اليوم تجاهه عاجزا حيران، هذا بالإضافة إلى غلاء أثمانه بسبب تركيز الحكومات عليه بالضرائب الباهظة التي قد تبلغ أضعاف قيمته الأصلية وكانت قد وضعته أصلا بغية صرف الناس عنه، لكن الحكومات استمرأت جباية المال عن طريق انتشاره فنشرت بذلك آفة التدخين بين الناس وما فيها من ضراوة لا يتمكن معها المعتاد من ترك التدخين إلا نادرا حتى لقد يبلغ الأمر ببعض المدخنين أن ينفق أحدهم على التدخين ما يكفي إعاشة أسرة متوسطة. وانتهى كلام الموسوعة ج10، ص107، 108 بالهامش.
اقتراحات
وقال د.المذكور إن بعض العلماء نصوا على منع التدخين في الأماكن العامة غير المساجد نظرا لتأذي الناس برائحته ولإصابتهم بأمراضه مثل مدخنه.
وللإقلال منه تمهيدا لمنعه ضرورة تكثيف التوعية بمضار التدخين والإرشاد الى طرق التخلص منه خاصة بما يتعلق بالجانب الشرعي والصحي، ومنعه منعا باتا في المواصلات والطائرات وفي الأماكن العامة والمحافل ومجامع العلم والذكر ومجالس القضاء وقراءة القرآن، كما يجب منع الإعلان عنه في الصحافة فلا يفيد خط هزيل نحيل لا يرى وسط صفحة كاملة أو نصف صفحة ملونة مغرية بالتدخين.
كما يجب أن يضع كل منا في منزله أو مكتبه أو سيارته عبارة «شكرا لعدم التدخين» مع بعض الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية ومراقبة ما يصل من بضائع على شكل سيجارة كأنواع الحلوى والميداليات، وأيضا يجب بيان أن التدخين ليس دليلا على إثبات الشخصية أو استقلالها بل هو دليل قوي على ضعف النفس البشرية واستغلالها.
قال تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة). وقال (ولا تقتلوا أنفسكم)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار».
كيف أبتعد عن التدخين؟
الأخ جاسم .ع.ع – الكويت يقول في سؤاله: أنا شاب مراهق أدخن وحينما ادخن اختفي عن اعين الوالدين، حيث لا يرضيان عما افعل، ولكني حاولت ان اترك التدخين فلم أستطع، فبماذا تنصحونني لكي ابتعد عن التدخين؟
٭ أنت في مقتبل عمرك، ونريدك شابا قويا في نفسيته، قويا في بدنه، قويا في تصميمه على فعل الخير، قويا في إرادته على مواجهة الشر، والإنسان يا بني قليل بنفسه كثير بإخوانه فإذا تركت نفسك على سجيتها جمحت وأخذتك الى كل مآخذ دون أن تشعر أو دون ان تقف في وجهها. فعليك أولا بأصدقاء الخير المتدينين الذين يذكّرونك إذا نسيت، ويفهمونك بأمور دينك وواجبك تجاه ربك، فتشعر بعد ذلك بأن هناك أمورا تستحق منك هذه الطاقة وتستحق منك هذه القوة، فتقلع عن التدخين عن طيب نفس لا عن إكراه، وأظنك يا بني تدرك ما للتدخين من مضار خطيرة في مستقبل أيامك.. عافاك الله منها.
أصدقاء الخير
أ
الأخ جاسم .ع.ع – الكويت يقول في سؤاله: أنا شاب مراهق أدخن وحينما ادخن اختفي عن اعين الوالدين، حيث لا يرضيان عما أفعل، ولكني حاولت أن أترك التدخين فلم أستطع فبماذا تنصحونني لكي أبتعد عن التدخين؟
٭ أنت في مقتبل عمرك، ونريدك شابا قويا في نفسيته قويا في بدنه قويا في تصميمه على فعل الخير قويا في إرادته على مواجهة الشر، والإنسان يا بني قليل بنفسه كثير بإخوانه فإذا تركت نفسك على سجيتها جمحت وأخذتك الى كل مآخذ دون أن تشعر أو دون أن تقف في وجهها. فعليك اولا بأصدقاء الخير المتدينين الذين يذكرونك إذا نسيت، ويفهمونك بأمور دينك وواجبك تجاه ربك، فتشعر بعد ذلك بأن هناك أمورا تستحق منك هذه الطاقة وتستحق منك هذه القوة، فتقلع عن التدخين عن طيب نفس لا عن إكراه، وأظنك يا بني تدرك ما للتدخين من مضار خطيرة في مستقبل أيامك.. عافاك الله منها.