بسم الله الرحمن الرحيم
ثلاث مناسبات مفرحات ومبشرات أملت على هذا المقال:
المناسبة الأولى هي صدور مجلة (الديرة) من الديرة من الكويت العزيزة.
والمناسبة الثانية هي بداية عام هجري جديد.
والمناسبة الثالثة هي انطلاقة مرحلة البناء والتعمير في ديرتنا الحبيبة الكويت.
وبين هذه المناسبات الثلاث ارتباط كبير إذ يجمعها قاسم مشترك وهو النقلة النوعية الواعية لمرحلة دقيقة قادمة لوطننا ولمنطقتنا الخليجية من منطلق إيماني.
فنحن في أمس الحاجة في مستقبل أيامنا إلى صحافة تعبر تعبيراً صادقا عن هوية الشعب الكويتي وأسس بنائه وأحاسيسه ومشاعره وحبه للخير وللتكلف والتراحم والتلاحم الذي عاش فيه هذا الشعب الأبي قبل النفط وبعده وإبان الاحتلال الغاشم، ولا يعبر عن هذا كله إلا أبناؤه ومحبوه الذين يستطيعون أن يعطوا من أقلامهم كل ما يعتلج في قلب هذا الشعب الكريم.
وبإصدار مجلة (الديرة) التي يعبر اسمها عن المعنى الشعبي لحب هذا البلد والتي تظهر بوضوح أصالة أهل الديرة ووحدة صفهم وتآلفهم واتخذت هذا الخط الواضع في خدمة الكويت وأهلها وهذه نقلة كبيرة في الصحافة الكويتية المعطاء.
وبداية عام هجري جديد نتذكر فيه بناء دولة الإسلام على ثلاثة أسس وطيدة عندما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر من ربه من مكة الغالية العزيزة الحبيبة إلى المدينة المنورة مركز انطلاقة الإسلام إلى العالم جميعا ومستقر المجتمع المسلم الذي تحكم الشريعة الإسلامية علاقاته واتصالاته.
وهذه الأسس الثلاثة هي التي كونت مجتمع التراحم والتلاحم بعدما خرج من محنة الضيق والتهديد والتخويف التي وجدها الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته في مكة المكرمة من قريش ومن بعض قبائل العرب القريبة منها.
وأول أساس هو بناء مسجد قباء دليلا على مجتمع الإيمان والعقيدة الواضحة وهو أول مسجد بنى في الإسلام وهو يعبر عن هوية المجتمع وعن منطلقه وهو يتلقى شريعة ربه التي تحكمه.
والأساس الثاني هو المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار التي أعطت دليلا قويا ملموسا على وحدة المجتمع وتراحمه وتأزره في مواجهة العقبات التي تقرضه وتعترض بناءه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي من قبل اليهود والمنافقين الذين كانوا في المدينة المنورة.
والأساس الثالث هو الوثيقة التي أبرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اليهود حفاظا على هذا المجتمع من غدرهم ومكرهم وخبثهم حتى يبني المجتمع الأمن المطمئن في ظل شريعة الله جل وعلا.
وقد بينت هذه الأسس الثلاثة خط هذا المجتمع المسلم الذي يتلقى أوامره من ربه ويبلغها له نبيه صلى الله عليه وسلم في حاضر ومستقبل أيامه على أركان وطيدة راسخة محددة.
والهجرة الكريمة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة في كل مضافيها ودروسها وعبرها نقلة نوعية كبيرة من حال إلى حال ومن ضيق إلى فرج، ومن خوف إلى أمن ومن ضياع إلى استقرار وتمكين.
ويأتي العام الهجري الجديد وقد تحررت الكويت العزيزة من الطغيان والظلم المتمثل في الاحتلال العراقي، وبدأت انطلاقة جديدة للبناء والتعمير.
ومصطلح البناء والتعمير يقتضى منا أن ننظر إلى الأسس والأركان التي نعمر عليها بنياننا ونقيم عليها هذا البناء، آخذين في النظر ما كان في أيام المحنة والأزمة خلال الاحتلال من رجوع على الله سبحانه وتعالى إذ الحال والمقال يرددان: أن لا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه، وما كان من تعارف وتآلف وتآزر ومساعدة ومعاونة أظهرت أصالة هذا الشعب ، ونبهت الكثيرين إلى ما في هذا الشعب من طاقات ينبغي أن توجه إلى الأفضل والأحسن.
ولا شك أننا مجتمع مؤمن رضى بقضاء الله وقدره وصبر على الابتلاء ومحص في البأساء والضراء وتقلب في بوتقة المحنة وعرف الصديق والصفيق واللدود والودود وأخرجه الله من هذه المحنة أشد أيمانا وأقوى وعيا وأكثر إيجابية وطموحا، فينبغي ونحن نعالج أسس وأركان البناء والتعمير هذه المضامين والدروس كلها التي تعتبر نقلة نوعية تاريخية وذهنية واجتماعية كبيرة للمجتمع الكويتي.
إنها كما قلت مناسبات ثلاث كبرى ينبغي أن نعيها ونتفهمها لكي تعبر تعبيرا صادقاً عن شخصية الكويت وأهلها ديرة الإيمان حماها الله من كل سوء ومكروه.
د. خالد المذكور