سعادة الدكتور خالد المذكور:
1) ما هي الأولويات المطلوبة من المرأة الكويتية في مرحلة البناء؟
2) ينادي دعاة حقوق المرأة، بمساواتها بالرجل.. فما هو التكييف الشرعي لممارسة المرأة ما يلي..
حق الترشيح في المجالس النيابية (مجلس الأمة)..
حق الانتخاب..
العمل في السلك العسكري والشرطة..
3) ما هي سلبيات المرأة الكويتية ما قبل الأزمة، وترون وجوب التخلص منها لأداء رسالتها المطلوبة في مسيرة البناء؟
4) رسمت المرأة الكويتية لنفسها من خلال صمودها أيام المحنة صورة رائعة في تحمل المسئولية بكل اعبائها… فهل ترون ذلك حتى بعد التحرير..
أياد الشارخ
بسم الله الرحمن الرحيم
كان للمرأة الكويتية أيام المحنة نصيب كبير في القيام بواجباتها تجاه أسرتها ومجتمعها تمثل ذلك في عدة مظاهر:
أولا: قوة إيمانها بالله تعالى وشدة صبرها على فقدان ولدها أو زوجها شهيدا كان أو أسيرا.
ثانيا: حثها لأولادها على الانضمام إلى المقاومة العسكرية والمدنية.
ثالثا: تفرغها لبيتها تفرغا كاملا حين ذهب من غالبية البيوت خدمها.
رابعا: التفاتها إلى أبنائها تعليما وإرشادا وتقوية لقلوبهم بالإيمان والعزم.
خامسا: ترشيدها لنفقاتها وإدارة بيتها إدارة اقتصادية واعية.
سادسا: مساهمتها مساهمة فعالة في أداء خدماتها لجيرانها في حيها حسب تخصصها.
سابعا: اشتراكها في المقاومة المدنية ومساعدتها للمقاومة العسكرية.
ثامنا: تركها لسفاسف الأمور وتنظيم وقتها.
تاسعا: قيامها بإرشاد وتوجيه نساء مجتمعها.
عاشرا: حرصها على التزام بما يأمرها به ربها شكلا وموضوعا.
وهذه المظاهر العشرة هي ما شاهدته وعرفته غالبية نساء الكويت اللاتي رابطن فيها وأبلين بلاء حسناء، كان منهن من ذهبت إلى ربها شهيدة، ومنهن من أسرت وعذبت، بل إن عائلات كثيرة سجنت في سجون الطاغية.
ولا ننسى كذلك ما قامت به المرأة الكويتية خارج الكويت من أعمال كثيرة لخدمة وطنها ظهرت مما سمعناه ورأيناه وما تناقلته الاخبار والأحاديث، فالمرأة الكويتية في الغالب الأعم بصورة رائعة في تحمل المسؤولية بكل أعبائها وتخلصت من معظم السلبيات التي كانت قبل الأزمة، والتي كان المجتمع يعاني منها والمتمثلة في خلاف ما ذكرته من المظاهر العشرة السابقة، وأخص بالذكر اعتماد المرأة الكويتية على الخدم اعتمادا يكاد يكون كليا في إدارة البيت والقيام بشؤون الأولاد.
ويجب على المرأة الكويتية التي أثبتت للعالم جميعا أنها على قدر المسؤولية وعلى وعي بواجباتها يجب عليها في مرحلة البناء أن تستمر في عطائها وإيجابياتها التي ظهرت خلال الاحتلال، وأن ترتب أولويات عطائها ومساهماتها في هذه المرحلة وفق الآتي:
أولا: الأسرة بيتا وزوجا وأولادا.
ثانيا: المساهمة الاجتماعية والتعليمية وفق احتياج المجتمع لها كطبيبة أو معلمة أو مرشدة اجتماعية.
ثالثا: الاشتراك في الجمعيات التي تختص بالأسرة وإرشاد المرأة وتعليم الأطفال خاصة المشاكل التي طرأت بعد التحرير في محيط الاسرة والمرأة.
هذه في ظني أولويات المرأة الكويتية وهي في مساهماتها تلك تدرك واجبها تجاه ربها وما فرضه عليها من الملابس الشرعية عند خروجها من بيتها وعدم اختلاطها المشين بالرجال الأجانب.
أما ما ينادي به دعاة حقوق المرأة بمساواتها بالرجل، فيجب أن نتبين شرعا وجوه المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام وهي أكثر دقة من مصطلح (حقوق المرأة).
ووجوه المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام تتمثل في الآتي:
أولا: أعطى الإسلام المرأة الحقوق المدنية للرجل قبل الزواج وبعده، فلها حق التعاقد وتحمل الالتزامات وتملك العقار والمنقول والتصرف فيما تملك، ولا يحق لوليها أو زوجها أن يتصرف أي تصرف قانوني في شيء من أموالها إلا إذا أذنت له بذلك أو وكلته في إجراء عقد بالنيابة عنها.
ثانيا: سوى الإسلام بين الرجل والمرأة في التعليم والثقافة، فأباح لها ان تحصل على ما تشاء الحصول عليه من علم وأدب وثقافة وتهذيب، بل أوجب عليها ذلك في الحدود اللازمة لوقوفها على أمور دينها وحسن قيامها بوظائفها في الحياة، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: 9]
ثالثا: سوى الإسلام بين الرجل والمرأة في حق العمل، فأباح للمرأة أن تضطلع بالوظائف والأعمال المشروعة التي تحسن أداءها ولا تتنافر مع طبيعتها، ولم يقصد هذا الحق إلا بما يحفظ للمرأة كرامتها ويصونها عن التبذل وينأى بها عن كل ما يتنافى مع الخلق الكريم ، فاشترط إذا كان للمرأة عمل في خارج بيتها أن تؤديه في وقار وحشمة وفي صورة بعيدة عن نطاق الفتنة، وألا يكون من شأن هذا العمل أن يؤدي إلى ضرر اجتماعي او خلقي أو يعوقها عن أداء واجباتها الأساسية نحو زوجها وبيتها وأولادها، أو يكلفها ما لا طاقة لها به، وألا تخرج في زيها وزينتها وسترها لأعضاء جسمها واختلاطها بغيرها في أثناء أداء لعملها في الخارج عما فرضته الشريعة الإسلامية عليها في هذه الشئون.
وأعتقد أن عمل المرأة في السلك العسكري أو الشرطة وفق الأنظمة الحالية يتنافى مع ما ذكرناه من الشروط الشرعية، ولكن لها أن تتطوع إذا قامت الحرب أو دواعيها لإسعاف الجرحى والتدريب على استعمال السلاح للدفاع عن بيتها، وقد أثبتت المرأة الكويتية إبان الأزمة واجبها الاجتماعي في ذلك.
ترشح المرأة للمجالس النيابية:
أما ما يتعلق بمساواتها في الرجل في الترشيح للمجالس النيابية ويكون للمرأة ولاية سن القوانين والهيمنة على تنفيذها، فقد اختلف الفقهاء المعاصرون في حكمها، فمعظمهم قصرها على الرجال إذا توافرت فيهم شروط معينة، وبعضهم يعطي المرأة الحق في الولايات العامة إذا تأهلت لها وتوفرت فيها شروطها، ولكل رأي أدلته النقلية والعقلية، ولا مجال هنا لسرد الأدلة التي استند إليها الفريقان والردود على الفريقين، ولكن المؤكد حتما طبقا للنظم المعمولة في المجالس النيابية ولأئمة مجلس الأمة الكويتي أن المرأة إذا أصبحت نائبة في المجلس فسوف يشغلها منصبها انشغالا تكاد يكون كليا عن أولوياتها التي تناسب طبيعتها ووظيفتها الأساسية، وهذا أمر لا جدال فيه، ولا يحتج على هذا بأن المرأة حاليا تتقلد مناصب كبيرة وقيادية وتخرج للعمل وفق النظم الحالية، لأن هذا كذلك يؤدي إلى نفس الانشغال فلا تقام به حجة.
حق المرأة في الانتخاب:
أما مساواتها مع الرجل في انتخاب المرشحين لمجلس الأمة فللمرأة أن تبدى رأيها فيمن تعتقد أنه قوي أمين في تحمل مسؤولياته، وأن تزكى من تعرف عنه التصرف الصحيح والقول السديد، فلا بأس بأن تنتخب وفق ترتيب معين مراعا فيه الشروط الشرعية التي ذكرناها، علما بأن الانتخاب يكون في يوم لا يشغل المرأة عن وظيفتها الأساسية.
د. خالد المذكور