التكفير

من معاني التكفير في اللغة: التغطية والستر تقول العرب للزارع كافر لأنه يبذر البذرة ويغطيها ويسترها بالتراب، ومنه قوله تعالى في سورة الحديد (كمثل غيث أعجب الكفار نباته) ومعنى الكفار هنا هم الزراع.

والكفر في الشرع: نقيض الإيمان وهو الجحود ومنه قوله تعالى في سورة القصص (فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتى موسى، أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل، قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون) أي جاحدون.

ولا يجوز تكفير المسلم لأن الأصل بقاء المسلم على إسلامه حتى يقوم الدليل على خلاف ذلك، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: “من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ما لنا وعليه ما علينا” وهذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

ويجب قبل تكفير أي مسلم النظر والتفحص فيما يصدر منه من قول أو فعل، فليس كل قول أو فعل فاسد يعتبر مكفرا.

ويجب كذلك على الناس اجتناب التكفير والفرار منه وتركه للعلماء المختصين، وذلك لخطره العظيم، فقد اخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عمر وابي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به احدهما فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه”.

واخرج الإمام مسلم في صحيحه عن ابي ذر الغفاري رضي الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من دعا رجلا بالكفر أو قال: عدو الله وليس كذلك إلا حاز عليه” ومعنى حاز عليه أي رجع عليه قوله.

ولا ينبغي أن يكفر مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن أو كان في كفره خلاف ولو كان رواية ضعيفة، وما يشك في أنه كفر لا يحكم به، فإن المسلم لا يخرجه من الإيمان إلا جحود ما ادخله فيه إذ الإسلام الثابت لا يزول بالشك، فإن كان في المسألة وجوه توجب التكفير ووجه واحد يمنعه فعلى المفتى أن يميل إلى الوجه الذي يمنع التكفير لعظم خطر التكفير وتحسينا للظن بالمسلم ولأنك إذا كفرت المسلم فقد أوقعت عليه عقوبة الكفر وذلك يستدعي التأكد من الكفر، ومع الشك فلا تقوم الجناية ومن ثم العقوبة.

Scroll to Top