تابعت الندوة: مريم بندق:
نظمت مساء أمس الأول إدارة المعهد الديني بوزارة التربية ندوتها التربوية الأولى حول “وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وأثرها في النشء” في جمعية المعلمين برعاية وكيل وزارة التربية د. مساعد الهارون وحضور الوكيل المساعد للشؤون التعليمية خالد الصليهم وحشد من المهتمين.
بدأت الندوة التي أدارها مدير إدارة المعهد الديني محمد عبد الحميد الصقر بمحاضرة د. حسن مكي فأكد أهمية الدور الذي بدأ يلعبه الإعلام بأنواعه المختلفة وصار يتعاظم بصورة كبيرة حتى أصبحت الأجهزة الإعلامية في مقدمة سلم المؤثرات في النشء والأجيال الصاعدة بعد أن كانت الاسرة والمجتمع ثم البيئة تتصدر هذه القائمة فيما كان الإعلام يأتي في نهايتها وأكد أن عملية التنشئة بحد ذاتها تعتمد على بيئة المجتمع التي يقوم الفرد من خلالها بعملية الاحتكاك مع الآخرين بحيث يستقي من هذه البيئة المعلومات التي تؤثر في اتجاهاته ومن ثم تنعكس على سلوكياته وعزا د. مكي قوة تأثير الجهاز الإعلامي في الناشئة إلى أمرين أولهما حجم احتكاك الفرد بالجهاز الإعلامي على أنواعه وثانيهما نوعية هذا الاتصال أو الاحتكاك او الارتباط الذي يتناسب تناسبا طرديا مع طول المدة التي يقضيها الفرد مرتبطا بالجهاز الإعلامي على أنواعه، ووصف ارتباط الفرد بجهاز التلفزيون على وجه التحديد بأنه ارتباط او اتصال مباشر من أقوى أنواع الاتصال قاطبة لأنه يستثمر حواس الانسان كلها مجتمعه.
وحذر د. مكي من غياب رقابة الأهل على أبنائهم في ظل ثورة تكنولوجيا الاتصال، مشيرا إلى صنف جديد يسمى بالاتصال التلفزيوني المتبادل الذي سيتمكن الفرد من خلاله من محاورة جهاز التلفاز الذي أمامه، وقال أن ثلاث السنوات المقبلة ستشهد طرح أجهزة فيديو جديدة في الأسواق لا يتعدى حجمها علبة السجائر.
رأي الإعلام
رأى وزارة الإعلام طرحه مدير إدارة التخطيط والتدريب بالوزارة فيصل البناي فحذر المتحدث د. مكي في طرحه من خطورة التلفزيون في ظل غياب الاهل، مشيرا إلى أننا نعيش في عصر ثورة التكنولوجيا شئنا أم أبينا وقد أصبح القمر الصناعي العربي “عربسات” يزاحم أكثر من 25 قمرا صناعيا أخرى تغطي المنطقة العربية.
وأشار إلى أن الباب قد فتح أمام التلفزيون ليغزو البيوت وان مقاومته قد أصبحت عنصر بقاء نظرا لأنه أصبح يتغلغل في أدق أمور حياة الأفراد مما أضعف ان لم يكن قد أضاع بالكامل قيمة الرقابة على برامجه وأورد د. البناي نتائج دراسة كانت قد أعدتها وزارة الاعلام حول مدى مراقبة الاهل للبرامج التي يشاهدها أبناؤهم وصغارهم، وقال انه بالرغم من نتائج وآثار التلفزيون السيئة وسلبياته المتعددة فقد تبين أن 65,8% من أولياء أمور الطلبة بالمدارس الثانوية لا يراقبون ما يشاهده ابناؤهم في جهاز التلفزيون في حين أن 75,7% من أولياء أمور تلاميذ المرحلة المتوسطة يعرفون ماذا يشاهد أبناؤهم.
وعرض د. البناي بعض النتائج الدراسات عن مدى تغلغل هذا الجهاز الخطير في حياة الأسر واهميته وقدرته على تشكيل الرأي العام في حياة الأفراد حيث أنه يأتي في المرتبة الثانية بعد الأقمار الصناعية.
وقال أن ترتيب جهاز التلفزيون في أميركا يأتي الرابع مباشرة بعد البيت الأبيض ثم رجال الأعمال ثم الكونغرس في حين أن الصحافة تأتي في المرتبة 19 والسينما في المرتبة الثلاثين.
أما عن أهمية التلفزيون في الكويت فقد بين د. البناي ان الكويت تأتي في المرتبة الأولى بين الدول العربية من حيث تعلق أفرادها بالتلفاز وبالراديو وطالب بضرورة أن يواكب تطور العنصر البشري التطور التكنولوجي لهذه الأجهزة ليمكن بذلك حسن استغلالها وإدارتها وتوجيهها التوجيه الصحيح الهادف لا سيما ان ثمانية اعشار معلومات الأفراد تأتي عن طريق البشر كما يقول العلماء في حين تزيد قدرة الفرد الاستيعابية بنسبة 35% عن طريق الصورة وان نسبة الاحتفاظ بالمعلومات تصل بذلك إلى 55%.
وأشار د. البناي إلى تأكيد علماء النفس والاجتماع على القوة المؤثرة للتلفزيون في حياة أفراد المجتمع والناشئة ولكنهم اختلفوا فقط في تحديد مدى هذه السلبيات، ووصف جهاز التلفزيون بأنه سلاح ذو حدين يمكن أن يستخدم بأغراض الخير أو أن يسخر للشر، ثم خلص إلى القول أن تأثير التلفزيون أيا كانت نسبته لا يمكن أن يحدث دون استعداد مسبق من الأفراد، مشيرا إلى قدرة التلفزيون على تغيير القيم والاتجاهات الاجتماعية وقوته في تشكيل وتكوين اتجاهات جديدة لمن لا اتجاهات له، وشدد البيان على ضرورة تعامل كل من البيت والمدرسة والمسجد واختيار رجل الإعلام الجيد المسلح بالتدريب والكفاءة والتأهيل والإعداد الجيدين مع توفير حوافز مادية ومعنوية للإعلاميين لتشجيع ابداعاتهم، وأخيرا طالب بتحويل التلفزيون إلى مؤسسة خاصة بعيدة عن الروتين على ان توضع لها الضوابط والنظم.
الواقع الحقيقي
وعرض مدير إدارة رعاية الأحداث بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل د. عيسى السعدي لجرائم الأحداث في المؤسسة الذين يبلغ عددهم بصورة عامة 89 حدثا من بينهم 13 انثى مشيرا إلى أن هؤلاء كن يشاهدن برامج التلفزيون لمدة أربع ساعات يوميا على اقل تقدير في حين انها في الماضي كانت ثلاث ساعات فقط وبين أن نتائج الدراسة أظهرت أن 26% من مرتكبي الجرائم من الأحداث لديهم أجهزة تلفزيون وفيديو في غرفهم الخاصة مما ساعدهم على مشاهدة كل أنواع الأفلام ومشاهدتها خلسة دون أية رقابة من الأهل، بعد أن يستأجروا الأشرطة.
وقال إن هناك أيضا 38% من هذه العينة في غرفها الخاصة أجهزة تلفزيون دون فيديو وان نسبة 70% من المجرمين الأحداث ويستأجرون الأفلام بأنفسهم بعيدا عن رقابة الأهل.
وأكد السعدي أن كل هؤلاء بنسبة 100% يشاهدون الأفلام البوليسية في حين ان 60% منهم يشاهدون الأفلام الاجتماعية وأشار د. السعدي إلى أن فترة ما بعد التحرير قد شهدت ظهور نوع جديد من جرائم الأحداث لم تكن موجودة من قبل وهي حيازة هؤلاء للسلاح واستخدامه في عمليات ارتكاب الجرائم وأن نسبة هؤلاء قد ارتفعت من 2,5% عام 1992 إلى 2,8% عام 1993.
وعن الأوقات التي يشاهد فيها الأحداث التلفزيون بين د. السعدي أن 35% من الأحداث في مؤسسات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كانوا يشاهدون التلفزيون من الثانية عشرة بعد منتصف الليل وحتى الرابعة او السادسة صباحا في حين أن نسبة 30% يشاهدون التلفزيون لأكثر من 10 ساعات يوميا وانتهى إلى تأكيد قوة تأثير وسائل الإعلام سلبيا في سلوكيات الأحداث ولا سيما في غياب رقابة الاهل عليهم.
من ناحيته تطرق المقدم يعقوب الفضالة إلى ذكر أهم الأخطار التي يتعرض لها الشباب من جراء متابعتهم لوسائل الإعلام وخاصة المرئية منها وتحدث عن حب الشباب للتقليد مما يعرضهم لارتكاب الجرائم التي تؤدي بهم إلى الضياع، وقال أن من أشهر القضايا التي يرتكبها هؤلاء الشباب هي سرقة السيارات وحيازة السلاح.
وارجع الفضالة أسباب ارتكاب هذه الجرائم إلى عاملين أساسيين وهما الاضطراب النفسي الذي يعيش فيه الشباب منذ الغزو الغاشم وحتى الآن ومشاهدتهم وسائل الإعلام التي تعرض مثل هذه الجرائم واستجابة ضعاف النفوس لها داعيا إلى رقابة مشددة على مثل هذه الوسائل والتي باتت في متناول أيدي الجميع.
وفي قضايا المشروبات الكحولية وتعاطي المخدرات ذكر الفضالة ان مرتكبي هذه الجرائم شباب ما دون 18 سنة مركزا على ضرورة رقابة الأهل لمثل هؤلاء الشباب خاصة وأنه عقب القبض عليهم يتبين لنا أنهم من الطلبة المتفوقين دراسيا وبالتالي فإن الخلل ليس نابعا منهم وإنما من اهمال الاسرة لهم وعدم وجود حسيب او رقيب عليهم.
وأوصى المقدم الفضالة في ختام مناقشته بضرورة تعاون الآباء مع رجال الشرطة في الرقابة على أبنائهم وفي عدم تدخل الوساطة والمحسوبية عند محاكمة أبنائهم ودعا الأهل إلى عدم التدخل في أعمال رجال الشرطة وترك الحرية لهم في التحقيق حتى يأخذ العدل مجراه إضافة إلى ضرورة وجود رقابة على جميع الوسائل الإعلامية والتأكد من عدم نشرها صورا خلاعية تخدش حياء الكبار والصغار، على حد سواء معتبرا ان هذا الأمر سيمكن وزارة الداخلية من القيام بدورها على أكمل وجه.
رأي شرعي
ثم اختتمت الندوة النقاشية بكلمة د. خالد المذكور والذي ركز على ضرورة تعليم الأبناء الصلاة والفضيلة منذ فترة التمييز والتي تبدأ منذ سن السابعة حيث يبدأ الطفل في تمييز الأشياء ويبدأ في توجيه الأسئلة للآباء والأمهات لتعرف على الأشياء والمعلومات التي قد تخفى عنه لأدراك ما حوله وقال ان الفقهاء قسموا الشنء إلى مرحلتين هامتين هما الحضانة والتي تبدأ منذ الولادة وحتى السابعة والتمييز وتبدأ في السابعة ويعتبرها الفقهاء بداية سن المعرفة والإدراك.
وحول تأثير وسائل الإعلام في النشء قال د. المذكور أن هذه الوسائل تعد من أخطر الوسائل المؤثرة في الإنسان بصفة عامة كبيرا كان أو صغيرا، سيما المرئية منها لأنها تدخل كل بيت ويشاهدها الجميع دون رقيب موضحا ان الكويت بمعزل عن الحضارة وأن هذه الوسائل قد يزداد خطرها خلال السنوات المقبلة خاصة مع التقدم التكنولوجي الذي يشهده هذا العصر، وشدد على ضرورة توفير الحصانة الذاتية لأبنائنا عبر تنشئتهم على تعاليم الإسلام منذ نعومة أظفارهم حتى لا يتأثروا بما يرونه في هذه الوسائل مؤكدا على ضرورة تعاون كل مؤسسات الدولة بحيث لا يكون تعارض بين سياسة الدولة ومنهجها وبين ما يعرض عبر وسائل الإعلام من أفكار وتقاليد.