لجنة الشريعة تضع الأسس الصحيحة لمجتمع إسلامي يتعامل مع مستجدات العصر

كتب مهدي عبد الستار:

أكد رئيس اللجنة الاستشارية العليا للعمل على تهيئة الأجواء لاستكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية د. خالد المذكور أن تهيئة الأجواء لتطبيق الشريعة ليس عملا سهلا يمكن الأخذ به في يوم وليلة، وأن الأمر غاية في الخطورة ويحتاج لتروٍ وتؤدة وصبر، مشيرا أن المهمة التي كلفت بها اللجنة وهي العمل على تهيئة الأجواء تتطلب عملا دؤوبا محكما يمكن من خلاله السعي لتغيير النمط الحياتي للمجتمع في جميع شؤونه، سواء النمط الاجتماعي أو التربوي أو الإعلامي أو الاقتصادي حتى يكون هناك وعي كامل يتم من خلاله ترجمة منهج القرآن الكريم وشريعة الإسلام بشكل صحيح.

وأضاف أن ذلك يتطلب تنمية الحافز الشخصي للرقابة الذاتية، وتغيير النفوس قبل تبديل النصوص.

وقال د. المذكور في حديث لـ “الأنباء” عن طبيعة العمل داخل اللجنة وما آلت إليه الأمور بعدما قطعت شوطاً كبيرا في المهمة التي كلفت بها: إننا نسعى من خلال التدرج إلى إعداد أجيال تكون مهيأة لهذا التغيير وقد يحتاج ذلك فترة ليست قليلة كما يظن البعض.

وأضاف د. المذكور: ولأن الأمر يتعلق بشريعة الله فهو يتطلب جهدا مضاعفا وعملا مستمرا يتم فيه الترتيب وعدم الاستعجال حتى لا يكون هناك انتكاس لأمر لم يُدرس جيدا.

وأضاف: وايمانا من اللجنة التي أنشئت بمرسوم أميري كان واضحا ودقيقا في تحديد مهامها الاستشارية وتغيير أنماط جميع القوانين التي لا تتفق وقواعد الشريعة واستبدالها بما يتفق وتعاليم الدين وفق أحكام الشريعة الإسلامية كان لابد من خطة عمل منهجية مبنية على أسس علمية، وعلى إثرها تم تشكيل اللجان الفرعية التي انبثقت إلى خمس لجان تعمل على مراجعة القوانين السارية مادة مادة، وتضع البدائل لأي مادة تخالف الشريعة كل حسب اختصاصها.

وبين الدكتور المذكور أنه تم تشكيل لجنة تربوية لمراجعة المناهج التربوية بالكامل، ولتضع نظاما تربويا شاملا، وأن هذه اللجنة استطاعت أن تنجز مشروعا تربويا كاملا هو الأول من نوعه في المنطقة العربية.

في حين اختصت اللجنة الاقتصادية بشؤون المصارف والاستثمار وشركات التأمين وغيرها، والتي حاول المختصون فيها العمل على القضاء على كل ما يخالف الشريعة في المعاملات المالية والتجارية، وإيجاد بدائل صحيحة من النواحي الشرعية بالتعاون مع التجارب الإسلامية المتميزة في هذا الجانب خاصة تجربة ماليزيا التي كان لها باع كبير في الاقتصاد الإسلامي، وكان لهذا التعاون صدى طيب ونتائج محمودة.

وأضاف: كما قامت اللجنة الاقتصادية بالنظر في المشكلات القائمة كمشكلة العجز في الموازنة العامة، واوصت ببعض المقترحات التي لاقت قبولا لدى الجهات المختصة لمطابقتها ما جاء من توصيات في خطاب البنك الدولي لإصلاح الوضع الاقتصادي القائم، وننشد العمل على إيجاد مركز اقتصادي إسلامي في الكويت، وقد بدأنا التنسيق مع البنك الإسلامي في هذا الصدد.

واستطرد د. المذكور قائلا: ونظرا لأن الإسلام رباط شامل للحياة بجميع شؤونها، فقد تم إنشاء اللجنة الإعلامية أيضا، لما للإعلام من دور خطير في توجيه الرأي العام والنمط المعيشي للمجتمعات ثقافيا وحياتيا، ولخطورة أجهزة التلفاز والإذاعة ودورها المهم، ونحن لا نستطيع أن نقول بحرمتها، لكننا نستطيع أن نعمل على تحسين استغلال هذه الأجهزة في صياغة فكر المجتمع وفق الضوابط الشرعية، وذلك بوجود بدائل تحمل في مضمونها الخير بدلا من الشر الذي يحمله الكثير من المعروض، وهذا يحتاج تدرجا شديدا وعملا شاقا مضنيا وكوادر متخصصة مدربة يمكن بها سد الاحتياجات الإعلامية، وملء الفراغ القائم من الكوادر المهنية الملتزمة لتغطية جميع المتطلبات.

وقال د. المذكور: نحن نريد أن نجعل الإعلام يجذب ويثقف ويعلم ليكون أداة خير، وإيجاد شريحة من المشاهدين تهتم بأعلام متميز ليس امرا سهلا في ظل وجود المنافس القوي من بعض البرامج التي تشتمل على العري الفاحش، ولذلك نسعى لإيجاد الإعلام الباهر والجانب الذي هو في نفس الوقت يلتزم بالاحتشام ويتفق وضوابط الشريعة، وهذا يتطلب تغييرا جذريا حتى يكون الاعلام وسيلة للتربية والتعليم والتغيير والإصلاح، مما يجعلنا نحتاج بدائل كثيرة وإمكانات ضخمة لا يمكن ايجادها دفعة واحدة، لكنها تحتاج صبرا ومثابرة وتدرجا وتمويلا سخيا يمكن من خلاله إيجاد المطلوب وتحقيق الهدف المنشود من الإعلام الإسلامي.

وبين د. المذكور أن من بين إنجازات هذه اللجنة الإعلامية التي يترأسها د. عادل الفلاح أنها أوصت بتشكيل مؤسسة إعلامية تنموية يمكنها توفير هذا النمط الإعلامي، وقد رفعت التوصية إلى الديوان الأميري ثم حولت لوزارة الإعلام.

وقال د. المذكور: سوف يكون لهذه المؤسسة أثر كبير في دول المنطقة كلها، حيث تم ترتيب التعامل مع شركات عالمية لإيجاد البدائل واستخدام التقنية الحديثة في توفير إعلام متميز منضبط بأطر الشريعة.

ويضيف د. المذكور: كما تم حصر ما يتعلق بالسلبيات في القنوات الفضائية لاستبدالها بما هو أفضل، وكذلك تعديل قانون المطبوعات للمحافظة على قيم ومبادئ المجتمع المسلم.

وتناول د. خالد المذكور رئيس اللجنة الاستشارية العليا للعمل على تهيئة الأجواء لاستكمال تطبيق أحكام الشريعة وما تم إنجازه في اللجنة التشريعية التي قامت بمراجعة القوانين فقال: لقد أحدث ذلك إشكالا لدى العاملين فكان هناك خياران: هل تقنن الشريعة بصياغة وضعية.. أو يكون القانون وضعيا يتضمن أحكام الشريعة؟ وتم تداول الأمر بين العلماء الذين توصلوا إلى أن تصاغ الشريعة وفق المواد القانونية الوضعية، وتم حصر القوانين التي تنظم العمل في كل قواعد الدولة، وقد شمل القانون المدني وحده ما يزيد عن 1080 مادة، وتم تعديل المخالف منها، وأنجز المشروع وتم التصديق عليه في مجلس الأمة بعد مداولات عديدة مع النواب وصدر به مرسوم أميري لتنفيذه بتاريخ 2/6/1996م وأصبح ساري المفعول، كما أنه تم إنجاز قانون الجزاء “العقوبات” الذي يحوي الحدود والتعازير، وهذا يهم فئة كبيرة تتمنى أن ترى تطبيق الحدود، وقد روجع أكثر من ثلاث مرات حتى يتم التأكد من استيفائه لكل المتطلبات، وسوف يتم رفعه قريبا إلى اللجنة، وهذا يضاف إلى رصيد الإنجازات التي تمت ولا يقل أهمية عن القانون المدني، ويمكن القول بأنه لأول مرة في العالم الإسلامي تتم صياغة قانون جزاءات يتفق وتعاليم الشريعة، هذا بالإضافة إلى قانون الإثبات والمرافعات، وقانون التجارة، والمطبوعات وسيكون لها النصيب في الفترة المقبلة بمشيئة الله تعالى.

وعن عمل اللجنة الاجتماعية أوضح د. المذكور أن اهتمام هذه اللجنة انصب على الشؤون الاجتماعية خاصة الأسرة والشباب والمراكز الرياضية، وتم وضع تصور كامل عن العمل في هذا الجانب وسوف يتم إنجاز مشاريع لقوانين عن صلة الأرحام والتلاحم، وقال: قد يتعجل البعض الإنجازات والتطبيقات لكننا نعمل بعيدا عن العواطف ونسير بمنهجية وموضوعية وبآليات عمل مع كل الجهات المختصة، وسوف يظهر أثر هذا العمل بعد سنوات قادمة، والمهم في الأمر أننا نحاول أن نضع لبنة صحيحة سليمة في بناء مجتمع إسلامي يلبي متطلبات الشريعة ويتعامل مع مستجدات العصر.

وقد أشاد د. المذكور بالرغبة الأميرية الصادقة في العمل على تحقيق الشريعة الإسلامية بصورة كاملة في المجتمع.

Scroll to Top