هل من حق الزوجة المطالبة بأجرة عن إرضاع طفلها؟

قال الله عز وجل: (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى)، فهل للزوجة أن تطلب أجرا مقابل إرضاعها لأطفالها كما نصت الآية؟ وهل تعتبر الزوجة آثمة إذا رفضت إرضاع وليدها إلا بدفع أجر لها؟

في البداية، سألنا د. خالد المذكور عن الحكم الشرعي في مطالبة الزوجة بأجر مقابل رضاعتها، فقال: إن الفقهاء اختلفوا في هذه المسألة على ثلاثة أقوال، فذهب الشافعية والحنابلة إلى أن للأم طلب الأجرة على الإرضاع سواء أكانت زوجة في عصمة والد الطفل أو مطلقة منه، لعموم قوله تعالى في سورة البقرة: (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن). وذهب الحنفية والمالكية الى أن أم الرضيع إن كانت زوجة في عصمة أب الرضيع فليس لها طلب الأجرة على الإرضاع، لأن الله تعالى أوجب عليها الإرضاع وأوجب على زوجها أب الرضيع نفقتها ومن ضمن النفقة إرضاعها لطفلها الذي من زوجها، مستشهدين على ذلك بقوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف)، فإن افترقت عنه بطلقة بائنة وخرجت عن عصمة أب الرضيع فلها الحق بطلب الأجرة على إرضاعها لانقطاع نفقتها بطلاق بائن.

وقد أخذ قانون الأحوال الشخصية الكويتي بقول الحنفية والمالكية في ذلك.

قانون الأحوال الشخصية

من جهته قال د. سعد العنزي: تضمن قانون الأحوال الشخصية الكويتي أحكاما خاصة بحماية الطفولة والأمومة مأخوذة من الشريعة الإسلامية وفق مذهب الإمام مالك والخاصة في المنازعات والأخذ أيضا بالمذاهب الإسلامية الأخرى بما يحقق المصلحة العامة لأفراد الأسرة وتيسير الأمور على الناس، جاء في قانون الأحوال الشخصية رقم 51 لسنة 1984م 1 ـ الرضاع/ وردت أحكام الرضاع في الباب الرابع من هذا القانون حيث نص في مادة (186) على أنه يجب على الأم إرضاع ولدها إن لم يكن تغذيته من غير لبنها، ونصت المادة (187) على أن أجرة الرضاع تستحق من وقت الإرضاع ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء. وجاء في المادة (188) لا تستحق الأم أجرة رضاع حال قيام الزوجية، أو في عدة للأب تستحق فيها نفقة ولا تستحق أجرة الإرضاع لأكثر من حولين من وقت الولادة.

واجب على الزوجة

ويرى د. بسام الشطي أن الصحيح من أقوال أهل العلم أن قوله تعالى: (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) لا تدل على الوجوب بل إذا أحب الزوج أن يعطي لزوجته المرضعة عن طيب نفس فلا بأس، لأن الحياة الزوجية قائمة على المحبة والألفة والمودة ولا يليق بمكانة الزوجة أن تعامل معاملة الأجير وتفرض لها أجرة مقابل رضاعة طفلها إذا لم يضرها الإرضاع وتستطيع أن تقوم به فهو واجب عليها، لقوله تعالى: (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى).

لا تأخذ أجراً

وقال د. محمد ضاوي العصيمي: يجب أن نعرف أن علاقة الأم مع ولدها يجب أن تكون مبنية على الشفقة والرحمة وليست علاقة مادية وعلاقة معاوضة ينتظر من ورائها النفع والفائدة المادية، أما وقد سئل عن هذه المسألة فالصحيح ـ والله أعلم ـ أن الأم يجب عليها إرضاع ولدها حال قيام الزوجية وليس لها الحق في الامتناع عن ذلك بدعوى طلب المال، فالله أوجب عليها التربية والرعاية، فكيف بإرضاعه الذي فيه حياته وبقاؤه؟ قال الله تعالى: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة)، وهذا ما أخذ به قانون الأحوال الشخصية في مادته 188: لا تستحق الأم أجرة رضاع حال قيام الزوجية.

Scroll to Top