نحو اقتصاد خال من المخالفات الشرعية

بقلم د. خالد المذكور

رئيس اللجنة الاستشارية العليا

بحمد الله تعالى في بلد يتطلع لاستكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية برغبة أميرية، أنشأ اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وتلبية للتطلعات والرغبة الصادقة لاستكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية من كافة فئات الشعب الكويتي وهيئاته، وتنفيذا لهذا الهدف النبيل عقدت اللجنة الاقتصادية مؤتمرها الأول في فبراير سنة 1993م تحت عنوان حلقة النقاش الأولى لاستكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في المجال الاقتصادي.

وعلى أثر ذلك تم تشكيل فرق عمل تناولت جوانب شتى ومسائل متنوعة في القطاع الاقتصادي والمالي من خلال خطة استراتيجية تجمع أعمال اللجنة الاقتصادية في بوتقة واحدة، وهي الرؤية الاستراتيجية للتحول، والتي تهدف إلى وضع خطة لتهيئة الأجواء للتحول الكامل بالاقتصاد إلى نظام قائم على أحكام الشريعة الإسلامية بأقل تكلفة اجتماعية واقتصادية ممكنة.

وقد ركزت رؤية التحول في أهدافها التفصيلية على ما يأتي:

1 – دراسة الواقع الاقتصادي وتحديد المخالفات الشرعية.

2 – تقديم الاقتراحات والبدائل الإسلامية للأدوات التقليدية.

3 – تحديد وتوفير الاحتياجات الفنية والتشريعية اللازمة لتشجيع قيام مؤسسات مالية واقتصادية وفقاً لأحكام الشريعة.

4 – حصر ومعالجة المعوقات المتوقعة للمؤسسات التقليدية عند رغبتها في تقديم خدمات إسلامية.

5 – إعداد خطة تربوية وإعلامية للتوعية والتوجيه لتهيئة الأجواء لاستقبال نظم وأوضاع جديدة لضمان نجاحها واستمرارها والرؤية الاستراتيجية للتحول تعتمد بشكل أساسي على أربع مراحل، لا تقل إحداها أهمية عن الأخرى. فأولها دراسة الواقع، وثانيها الإعلام التوعية، وثالث هذه المراحل هي مرحلة التعايش المؤقت، ثم المرحلة الأخيرة التحول التدريجي المبرمج إلى اقتصاد خال من المخالفات الشرعية، مع ما يتطلبه ذلك من جودة العرض والأداء، ومرونة التشريعات القانونية ودقة تطبيقها، ولابد أن نكتنف ذلك كله جميعاً بالرعاية والتوجيه والدفع المعنوي.

وحيث إن أي تحول لابد أن يكون مدخله القطاع المالي والتجاري، فقد كانت الأولوية لهما في العناية والرعاية، مما دفع إلى تنظيم مؤتمر اقتصادي من قبل اللجنة الاستشارية العليا وبنك الكويت المركزي، بالتعاون مع البنك المركزي الماليزي باسم (ملتقى التجربة الماليزية في العمل المصرفي الإسلامي).

وهدف هذا الملتقى الاستفادة العملية من تجربة رائدة في مجال تقنين العمل المصرفي الإسلامي، استطاعت أن توجد نظامين يعملان جنباً إلى جنب أحدهما يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، والآخر وفقاً للنظام المصرفي التقليدي.

وهذا الملتقى الذي قدمناه للبنوك والمؤسسات المالية والاستثمارية احتوى على بيان جوانب دقيقة قانونية وتنظيمية وتشغيلية وفقهية، كما قدم عرضاً لأدوات مالية أنتجها أو استخدمها الإخوة في ماليزيا، وذلك بغية تذليل عقبات تقديم الخدمات المصرفية الإسلامية من البنوك التقليدية، أو إيجاد الإطار العام للبنوك الراغبة بالتحول للعمل وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.

ويتوافق ذلك مع قرب انتهاء إحدى فرق اللجنة الاقتصادية من الخبراء والمختصين من مسودة (قانون بشأن المصارف والشركات الاستثمارية والمالية الخاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية)، والذي يهدف إلى توسعة دائرة المعاملات الشرعية في القطاع المصرفي، ويتيح للمصارف تقديم خدمات مالية وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.

إن هذا الملتقى لم يكن لِيُعقد لولا تضافر الجهود، واستعداد الجانب الماليزي ذي التجربة الرائدة، لتقديم تجربته التي ولدت قوية متينة مليئة بالجهود التي عملت على إنجاحها والتي جاءت غنية بالرغبة والتوجيه الصادقين، وفي ذلك نسجل شكرنا الوفير وثناءنا الجزيل لمحافظ البنك المركزي الماليزي، والوفد الماليزي الذي حضر معنا فعاليات هذا الملتقى.

كما نود أن نشيد بدور بنك الكويت المركزي، والذي يقوم على دراسة التجارب الدولية في التحول والأسلمة، حيث إننا لا نشك أنه سيلعب دوراً بارزاً وهاماً وحيوياً في إدارة دفة التحول نحو اقتصاد خال من المخالفات الشرعية.

والله الموفق

Scroll to Top