ما الحل إذا تعارضت الحسابات الفلكية مع رؤية هلال شهر رمضان بالعين المجردة؟

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن عمي عليكم فصوموا ثلاثين يوما». كل عام نتساءل هل نصوم رمضان حسب الرؤية أم الحساب الفلكي؟ وهل الحساب الفلكي لأوائل الشهور العربية هو الأصح؟ أم الرؤية البصرية تظل هي القاعدة؟ ولماذا تختلف عملية الاستطلاع من دولة الى أخرى بشكل يؤدي إلى عدم اتحاد العالم الإسلامي؟ من خلال تلك السطور نتعرف على الإجابة:

يقول د ..خالد المذكور: مسألة المطالع فيها وجهان من الناحية الفقهية وكلاهما صحيح، اتجاه يقول بوحدة الرؤية بالنسبة إلى البلاد الإسلامية التي تشترك في جزء من الليل، والثاني يرى أن لكل بلد مطلعه، وبالنسبة إلى رؤية هلال رمضان يرى د.المذكور أن الرؤية المجردة هي الأصل فإن تعذر ذلك لأسباب طبيعية، فما المانع أن نلجأ إلى الحسابات الفلكية والعلمية وهي مجرد وسائل والأصل فيها الرؤية.

وأضاف: لكل بلد رؤية الهلال فيه ونحن نريد الرؤية فإذا وجد في بلد وجد فيها الرؤية تثبت في جميع الدول المسلمة التي يجمعهم ليل واحد، ولكن إذا أخذ كل بلد بمطلعه فلا بأس.

وحبذ د.المذكور أن يكون هناك اتحاد في الصيام وفي الإفطار خاصة بوجود التقنية الحديثة والتي تعتمد على أجهزة المراصد الفلكية المتطورة والمتوافرة حاليا في معظم بلدان العالم الإسلامي التي يمكن استغلالها علميا وفنيا بما يساعد على اتفاق هذه الدول في عملية استطلاع الأهلة في الشهور العربية.

وأن هذا يحتاج إلى لجنة تمثل العالم الإسلامي وتتفق أولا على المنهج والأسلوب الذي تعتمد عليه في ثبوت رؤية الهلال وبعد ذلك يصبح من السهل تنفيذ ما تتفق عليه اللجنة لأن رأي هذه اللجنة في هذه الحالة سيكون ملزما لكل الدول الإسلامية، ولكن إذا بقينا كما نحن فلا حرج والأصل هو الرؤية البصرية ولكن الخلاف يكون عند عدم الرؤية والعمل بالرأي القائل بوحدة المطالع باشتراك البلاد في جزء من الليل وهو الأولى والأفضل لأنه وسيلة لتوحيد المسلمين في كل مكان، لكن لا مانع عند الضرورة ولأسباب موضوعية أن يعمل المسلمون بما صح عن الفقهاء وهو أن الرؤية تخضع لاختلاف المطالع أي أن لكل بلد رؤيته الخاصة، وإذا ما وصل اجتهاد العلماء في الرؤية ظهرت أم لم تظهر مع الاعتماد في هذا الشأن على أهل العلم والخبرة من المسلمين العدول والوسائل الحديثة أيضا لتسهيل الوصول إلى الرؤية إذا كان الهلال قد غم، المهم ألا يؤدي ذلك إلى أن يختلف المسلمون وألا يخرجوا عن أصول الاختصاص.

توحيد رأي المسلمين

من جهته، قال عميد كلية الشريعة والدراسات الاسلامية الأسبق د ..عجيل النشمي: هذا الموضوع يرجع إلى اختلاف المطالع بالنسبة لطلوع الشمس وزوالها ثم غروبها وبعض البلاد قد ترى الهلال قبل غيرها، وقد اختلف الفقهاء في اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتبارها فلو رأى أهل بلدة الهلال، فهل يلزم بقية البلاد أن تصوم مع هذه البلدة، رغم أن الهلال لا يرى عندهم في هذا الوقت. فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية ومالك وأحمد إلى عدم اعتبار اختلاف المطالع فإذا رأى الهلال أهل بلدة لزم سائر المسلمين الصوم واستندوا في ذلك إلى حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» فخطاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يخصص بلدة أو قوم معينين، فإذا ثبتت الرؤية بطريق شرعي فيلزم سائر المسلمين الصوم. وهذا الرأي هو الذي ينبغي الأخذ به لما فيه من توحيد رأي المسلمين في مظهر فريضة من فرائض الإسلام، ولا شك أن وسائل الإعلام لها دور سريع في توصيل مثل هذه الأخبار بحيث يتم الصوم في وقت محدد في جميع الأقطار، وهناك رأي آخر وهو الشافعية، وبعض الفقهاء أن لكل بلد رؤيتهم ولا يلزم من لم ير الهلال أن يصوم برؤية من رآه لأنه مخاطب بما يعلم وهو لم ير فلا يجب في حقه الصوم، ويستند هذا الرأي لما روى مسلم عن «كريب» أن أم الفضل ابنة الحارث بعثته إلى معاوية بالشام فقال قدمت الشام فقضيت حاجتها فاستهل رمضان وأنا بالشام فرأينا الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني ابن عباس ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتموه؟ قلت رأيته ليلة الجمعة، قال: انت رأيته؟ قلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. قال كلنا رأيناه ليلة السبت، فلانزال نصوم حتى نكمل الثلاثين او نراه، فقلت: أفلا تكتفي برؤية معاوية وصيامي قال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أجاب جمهور الفقهاء عن هذا الحديث بردود ليس هذا محل تفصيلها، وعلى كل حال فإن الأمر فيه سعة، فإن أمكن اجتماع المسلمين على بدء الصوم فهذا هو الأولى والأفضل وإن لم يجتمعوا فيسعهم ذلك وصومهم صحيح ولعل السعة تناسب بعض الظروف التي يسود فيها الخلاف بين المسلمين لأي سبب كان.

الرؤية البصرية شرط

من جهته، يؤكد د.بسام الشطي ان الحسابات الفلكية لا يجوز التعويل عليها وإنما العبرة هي رؤية الهلال او اكمال العدة لقوله صلى الله عليه وسلم «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» فالمقصود انه لا يعول على الحساب وإنما التعويل على الرؤية كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم، وما درج عليه سلفنا الصالح من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم.

Scroll to Top