خالد المذكور: لا وجود لما يسمى حقوق المرأة … وأشفق عليها من العمل البرلماني

أعرب رئيس اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الدكتور خالد المذكور عن إشفاقه على المرأة من تولي المهمات البرلمانية بما فيها من جهود مضنية وأعمال لجان تتطلب التواجد شبه المستمر خارج المنزل، مشددا على عدم وجود ما يطلق عليه البعض حقوق المرأة في ظل كفالة الإسلام لحقوق الجميع طفلا كان أو شيخا، ذكرا كان أو انثى.

وكشف المذكور في لقاء مشترك لـ«الراي» والبرنامج الإذاعي شخصيات كويتية، أن أعمال اللجنة تتمحور حول الجانب الاستشاري لا التنفيذي، مدللا على أن إنجازاتها في مجال اختصاصها لا يلمسها الجمهور لتعلقها بجوانب تشريعية تأخذ دورها في اللجان المثقلة بالاعباء.

وعما تشهده الأجواء البرلمانية من سجالات ومطالبات يراها البعض نشازا، ذكر أن العمل البرلماني يحتاج إلى دراسة وتجهيز وتمهيد عبر دورات تعلم النواب الجدد أدبيات هذا العمل، مع الإشارة إلى وجود «متطرفين» في كل التيارات التي تموج بها الكويت المنفتحة على الجميع، ما يجعل المطالبات الغريبة عن المجتمع تطفو على السطح، مؤكدا أن المجتمع الكويتي متمسك بعقيدته حيث لم تفلح الحملات التنصيرية في تحريفه عن معتقده.

ولفت المذكور إلى الاستراتيجية التي تعتمدها اللجنة في تنفيذ ما أوكل لها من مهمات، كما أشار إلى طريقة تعاطيها مع المنتقدين الراغبين في تحسين أدائها بالتوازي مع من يوجه سهام الاستهداف إلى اللجنة عبر اتهامات لا صحة لها، كانت مثارا لحديثه مع سمو الأمير الذي طلب إليه الاستمرار في النهج الوسطي الذي اعتمد للجنة دون الالتفات إلى تلك المهاترات.

ولم يخل الحوار مع الدكتور خالد المذكور من مواقف شخصية عن حياته ودراسته ومواقفه الحياتية، جنبا إلى جنب مع العديد من المحطات المتعلقة بعمل اللجنة والرد على ما يدور في خلد البعض من تساؤلات، وهو ما يظهر من خلال الحوار التالي:

• كيف كانت بدايات الدكتور خالد المذكور في الجانب العملي؟

– البدايات العملية كانت نتيجة لدراستي التي كانت في المعهد الديني منذ المرحلة الابتدائية إلى أن تخرجت من جامعة الأزهر في الماجستير والدكتوراة سنة 1978.

ومن هنا بدأ النشاط الأكاديمي باعتباري عضواً في هيئة التدريس بكلية الحقوق والشريعة قبل إنشاء كلية الشريعة، ثم لما أنشأت كلية الشريعة في عام 1982 انتقلت إلى كلية الشريعة والدراسات الإسلامية ورأست قسم الفقه المقارن والسياسة الشرعية باعتباري متخصصا في الفقه المقارن، واستمر العطاء إلى الآن بحمد الله.

ومن خلال هذه الدراسات أصبحت كذلك عضواً في الهيئة العامة للإفتاء ثم أصبحت الآن رئيساً للهيئة العامة للإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

• كيف كانت الحياة داخل حرم جامعة الكويت لا سيما أنك كنت من الأوائل الذين عملوا في جامعة الكويت كعضو هيئة تدريس في بدايات الجامعة؟

– أتذكر تلك الفترة وتلك الحقبة أولاً طبعاً جامعة الكويت افتتحت سنة 1966 وعندما كنت في الثانوية العامة في المعهد الديني، وخيرت بين أن أدرس الدراسات الإسلامية في القاهرة في كلية دار العلوم أو أكتفي بالدراسة وأكون من الطلبة الأوائل في جامعة الكويت في كلية الآداب والدراسات الإسلامية التي هي شبيهة بكلية دار العلوم في جامعة القاهرة لكن مشايخي الذين درسوني في المعهد الديني قالوا: إنك متفوق بحمد الله في كثير من المواد الشرعية، ونحبذ أن تكون دراستك العليا في كلية الشريعة بجامعة الأزهر أولاً باعتبار أن جامعة الأزهر من الجامعات العريقة المعروفة في التاريخ الإسلامي، وثانياً أن كلية الشريعة تقترن كذلك بالقانون ومن ثم كذلك تكون دراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية وما إلى ذلك.

شاورت الوالد رحمه الله والوالدة رحمها الله وكانت المدة التي سأدرس فيها في جامعة الأزهر في كلية الشريعة خمس سنوات، وهي طويلة خصوصاً أنني لم أغادر الكويت قبل هذا وللمرة الأولى أذهب إلى مصر للدراسة، ولأول مرة أذهب إليها كذلك.

وفعلاً تم هذا وذهبت إلى الدراسة بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية وبعد تخرجي في سنة 1971 رجعت إلى الكويت ومن ثم كانت درجاتي بحمد الله درجات جيدة وكانت كلية الحقوق والشريعة بجامعة الكويت قد فتحت بعد دراستي في جامعة الأزهر بثلاث سنوات وكان قسم الشريعة في كلية الحقوق والشريعة في حاجة إلى معيدين فتقدمت بأوراقي بعد تخرجي إلى قسم الشريعة والدراسات الإسلامية بكلية الحقوق والشريعة، ومن ثم قبلت والحمد لله ثم تم ابتعاثي مرة أخرى إلى نفس الكلية للحصول على الماجستير والدكتوراه باعتباري معيد بعثة والحمد لله.

ومن ثم تخرجت بعد حصولي على الدكتوراة سنة 1978 والتحقت بكلية الحقوق والشريعة وتم التدريس في كلية الحقوق والشريعة، وكنا نطالب بأن يكون قسم الشريعة كلية، وتم بحمد لله الموافقة على هذا الطلب ثم انتقلنا إلى كلية الشريعة والدراسات الإسلامية عام 1982 ومازلت أدرس بها والحمد لله.

غربة

• كيف كانت تجربتكم وأنت تغترب لدراسة الشريعة والفقه في بلد وفي كلية من أكبر كليات العالم والتاريخ الإسلامي تميزاً في هذا المجال؟

– طبعاً ابتعاثي إلى مصر للدراسة في كلية الشريعة بجامعة الأزهر العريقة لم يكن غريباً عني إذ كان المعهد الديني في الكويت تابعاً في مناهجه للأزهر الشريف – للمعاهد الأزهرية، وكانت الكتب تأتي من هناك وكانت هناك بعثة أزهرية تأتي إلى الكويت للتدريس بالمعهد الديني في الكويت وتضم البعثة شيخ المعهد ومعه مجموعة من المشايخ في العلوم الشرعية والفقه والتفسير والحديث والتوحيد والمنطق.

فتعرفت من خلال تدريسهم لي ومن خلال كذلك القراءة المستمرة في كتب كثيرة، فكانت مصر تمثل لنا أمنية حتى نذهب ونراها ونستفيد من مشايخها وأساتذتها وأدبائها، فعندما ذهبت إلى هناك والتحقت بكلية الشريعة والقانون كنت حريصا على أن أزور المشايخ الذين يدرسونني في كلية الشريعة والقانون وكان كثير من المشايخ يقيمون ندوات أو صالونات شرعية وأدبية نذهب إليهم في بيوتهم وخاصة في وقت الإجازة الأسبوعية يوم الجمعة وجزء من يوم الخميس، كان النشاط الأدبي والشرعي في مصر كثيرا جداً في ذلك الوقت وما زالت.

وطبعاً كان معظم الطلبة يبتعثون إلى مصر في جميع التخصصات فنحن كنا قلة في الأزهر، لكن الكثرة في جامعة القاهرة وفي كلية الطب وكلية الهندسة وكلية الآداب وكليات الحقوق وجامعة الإسكندرية وجامعة عين شمس.

فكانت هذه الجامعات هي التي يبتعث إليها الطلاب، وكان الطلاب يبتعثون إلى أميركا وأوروبا لكن كان الابتعاث في تلك الدول قليل.

الآن الابتعاث أصبح بكثرة إلى الجامعات لأن الجامعات كثرت سواء الفروع التي افتتحت للجامعات العريقة مثل جامعة الأزهر الآن جامعة الأزهر لها فروع في جميع المحافظات في مصر بالإضافة إلى الجامعات الخاصة التي افتتحت فزاد عدد الطلاب المبتعثين الآن بالإضافة إلى الابتعاث في أميركا وأوروبا وإلى استراليا وبعض الدراسات افتتحت أيضاٌ في البحرين والأردن فأصبح المبتعثون كثيرين.

ذوو الفضل

• من تتذكر من الأساتذة الأفاضل الذين قدموا علمهم ومعرفتهم واحتضانهم للدكتور خالد المذكور في بداياته العلمية؟

– أولاً التحاقي بالمعهد الديني كان نتيجة لنصيحة إمام مسجد محمد رشيد في حولي، عندما انتقلنا من المرقاب إلى حولي سنة 1954 كنت في المرحلة الابتدائية وكنت التحقت بمدرسة حولي التي هدمت.

إمام المسجد رحمه الله واسمه مرشد عبد الله المرشد نصح الوالد وقال له هذا الابن ينبغي أن تكون دراسته شرعية وكان هو ملتحقا بالمعهد الديني فكان هذا أول شخص أشار على والدي بان ألتحق بالمعهد الديني فألحقني الوالد بالمعهد الديني وأنا في الصف الرابع الابتدائي. وكان يأخذني معه ويعيدني.

الشيء الثاني عندما التحقت بالمعهد الديني وكان مشايخي الأزهريون الذين في الحقيقة يبعثون فمبعوثي الأزهر في جميع البلاد بما فيها الكويت يخضعون لاختبارات شفوية واختبارات تحريرية ولا يبتعث إلا شخص لديه من العلم والدراية الكثير في كثير من العلوم وخاصة اللغة العربية كذلك.

وكان المعهد الديني فيه ثلاثة من مشايخ الكويت يأتون إليه بعضهم يدرس وبعضهم يأتي ليطمئن ويجتمع بالمشايخ ومنهم الشيخ عبدالله النوري رحمه الله والشيخ عبدالعزيز حماده والشيخ عبدالرحمن الدوسري رحمهم الله جميعاً.

فقد كانوا يأتون ويجلسون مع شيخ المعهد وأحياناً يكون بينهم ندوات وحلقات علم في مسائل فقهية فكان المعهد الديني مرجعا للفتوى وللأسئلة وفي الإذاعة كان المشايخ يتناوبون قبل بدء الإرسال في التلفزيون وكان من الذين درسوا في المعهد الديني الشيخ عبد الوهاب الفارس رحمه الله، والشيخ علي حمادة رحمه الله.

والشيخ علي حمادة كان له موقف أكد وجودي في المعهد الديني، كان المعهد الديني فيه العلوم الشرعية بالإضافة إلى المواد الأخرى كالحساب والتاريخ والجغرافيا والعلوم وما إلى ذلك، وهذا شيء طيب، لكن وزارة التربية أرادت كذلك أن تفتح للمرحلة المتوسطة الالتحاق بمعهد المعلمين وبعد دراسة سنتين يتخرج مدرس ابتدائي، وكثير من الطلبة رغبوا في أن يختصروا المسافة بعد المتوسط ويلتحقوا بمعهد المعلمين، وأنا رغبت في أن أذهب إلى هناك وكلمت الوالد فقال لي: اصبر حتى أتحدث إلى المشايخ.

وجاء إلى المعهد وقابل الشيخ علي حماده، وقال له: لماذا يهرب الطلبة منكم ويذهبون إلى معهد المعلمين؟ والطلبة قلوا وخالد يريد أن يذهب لأن بعض زملائه وأصدقائه ذهبوا إلى معهد المعلمين. فقال الشيخ علي حماده: ترى وجوده في المعهد الديني ضرورة فلا تجعله يذهب فإن المعهد الديني باقٍ وكذلك سيأتي طلبة فنحن نريدهم أن يتخرجوا مشايخ لا معلمين.

هذه الكلمة سمعها الوالد فصمم على وجودي بالمعهد فبقيت، وأتذكر عندما كنت في الثانوية العامة فقد كنت أنا والدكتور عجيل النشمي فقط في الصف.

فكان أثر الشيخ علي حماده وهو شقيق الشيخ عبدالعزيز حماده رحمهما الله جميعاً كان له الأثر في تثبيتي في المعهد الديني إلى أن أنهيت الثانوية.

طبعاً لاشك أن المشايخ الذين جاءوا من مصر من الأزهر كان لهم أثر كبير جداً وأذكر منهم الشيخ عبدالمجيد القمري، وكان شيخ المعهد الديني وكان يحث الطلبة على البحوث ويعطيهم جوائز ويرشدهم في المكتبة وإلى كذلك مع النشاط الصفي الذي يكون في فترة قبل صلاة الظهر ويحضر البحوث المقدمة، بالإضافة إلى المشايخ الذين درسوني في اللغة العربية أو في العلوم الشرعية فقد كان لهم أثر كبير جداً.

زواج وأبناء

• إن تحدثنا عن الحياة الشخصية للدكتور خالد المذكور فماذا نقول؟

– أنت تعيدني إلى التخرج من الليسانس سنة 1971 وعندما أتيت إلى الكويت قدمت أوراقي إلى ديوان الموظفين ومن ثم كنت في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية كنت نائب مدير إدارة المساجد إلى أن فتحت الجامعة أبوابها فالتحقت بكلية الحقوق والشريعة، فطبعاً بعد التخرج وبعد الوظيفة المرحلة الثانية مرحلة الزواج وبحمد لله تزوجت وكان زواجي من امرأة فاضلة وطبعاً لا أمدحها لأنها شريكة حياتي، وطبعاً لي مواصفات في المرأة التي أريد أن تكون شريكة لحياتي، وأول المواصفات أن تكون محجبة وكانت هي ثاني محجبة في الكويت وكانت خريجة كلية الزراعة بجامعة القاهرة، وتزوجت بحمد الله في عام 1972 وعندما ابتعثت كمعيد بعثة للدراسات العليا، هي كذلك ابتعثت للدراسات العليا معي في نفس الوقت للماجستير في كلية الزراعة.

وجاءنا ابني، الآن أصبح مستشارا في القضاء ولد في عام 1973 كنا في مرحلة الدراسات العليا وكان معنا فولد في الكويت وتربى في مصر 4 سنوات إلى أن تخرجنا من الدراسات العليا، ومن ثم جاءت ابنتي تسنيم التي ولدت في مصر وتربت في الكويت، ثم جاءني آخر العنقود معاذ الذي ولد بعد رجوعي من الدراسات العليا وبعد التحاقي بكلية الحقوق والشريعة بالكويت ولد وتربى بالكويت.

فهم ثلاثة والحمد لله، الآن كبروا فوليد بدرجة مستشار في القضاء، تسنيم بحمد الله في وزارة الأوقاف مدرسة في دور القرآن الكريم، ومعاذ كذلك موظف موثق في وزارة العدل.

هم ثلاثة بحمدالله ولدان وبنت لكن أعطوني من الأحفاد أحد عشر كوكبا آخرهم خالد الذي ولد قبل شهرين تقريباً، لدي خمس حفيدات وستة أحفاد.

• ما موقفكم من طرح موضوع حقوق المرأة السياسية في الزمن السابق والواقع اليوم؟

– لا شك أن للمرأة دوراً كبيراً ومسألة أنها نصف المجتمع ويصفونها ويصفون الرجل مثل الليل والنهار، فالنهار لا يستغني عن الليل والليل لا يستغني عن النهار وكل له وظيفته فكذلك المرأة والرجل، فالرجل له وظيفة والمرأة لها وظيفة، ليس هناك تطابق وإنما هناك تكامل في أداء هذه الوظائف.

هذه النظرة الشرعية العامة، وأنا في الحقيقة كنت أستغرب من كلمة حقوق المرأة، لماذا جاءت كلمة ما يسمى بحقوق المرأة، لأنه ليس في الإسلام ما يسمى بحقوق الرجل وحقوق المرأة وحقوق الطفل وحقوق العامل وحقوق الإنسان لأن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الإنسان بذكره وبأنثاه وبطفولته وما إلى ذلك وله جميع الحقوق، وعندما نقول جميع الحقوق فإنه يدور هذه الحقوق في التكاليف الخمسة التي تبينها الشريعة (الحرام والواجب والمندوب والمكروه والمباح) ولذلك عندما أنظر إلى جميع الحقوق أجدها متساوية باعتبار الكل هو الإنسان الذي خلقه الله وهو بني آدم الذي كرمه الله سبحانه وتعالى، فالإنسان بحد ذاته مكرم بغض النظر عن دينه وعن لونه وعن جنسه وعن لسانه وهو يتساوى في هذا كله.

الله سبحانه وتعالى بعث رسولنا محمداً صلى الله عليه وسلم مع إخوانه الأنبياء والمرسلين ليكملوا البناء الإنساني المتعلق بالله سبحانه وتعالى فأصبح النبي هو خاتم الأنبياء والمرسلين وأصبحت الشريعة الباقية الخالدة هي شريعة الإسلام فعندما نتكلم عن مسألة الحق فمعناه أن هناك اضطهادا لهذه الحقوق، فإذا قلنا حق المرأة فهذا معناه أن هناك في التاريخ من انتقص هذه المرأة، وفي التاريخ قبل الإسلام كان هناك انتقاص للمرأة في حقها وفي كثير من الأمور فأعطاها الإسلام الكرامة.

نرجع إلى مسألة الحقوق السياسية للمرأة، أقول: إن للمرأة أن تتكلم في السياسة وللمرأة أن تتخصص في السياسة وتدرس السياسة، فإذا كان المقصود بالحقوق السياسية هو أن تكون المرأة وزيرة أو أن تكون نائبة في البرلمان أو أن تكون مرشحة أو أن تكون منتخبة فهذا المجال لا يتعلق بحقوقها وإنما يتعلق بقضايا اجتماعية كثيرة جداً تختلف من بلد إلى بلد.

فكنت أنا أقول إن للمرأة أن تنتخب وتوقفت قليلاً في مسألة أن تكون نائبة في المجلس إشفاقاً عليها وعدم انشغالها عن بيتها إن كانت متزوجة، ونحن نعلم، واسأل أي نائب من النواب كيف العمل في المجالس البرلمانية، سواء في الكويت أو في خارج الكويت، كيف يقضي وقته وجهده وتفكيره في أمور المخاطبة والدراسة وما إلى ذلك، لكن هذا الرأي المتحفظ بالنسبة لي هو اجتهاد مني لأن هناك من قال إن لها أن تكون نائبة وأن تكون منتخبة، الانتخاب باعتبار أنها توكل أحدا وللمرأة ذمة مالية مستقلة ولها أن توكل ولها أن تتاجر ولكن بالنسبة للحياة البرلمانية وما يعوقها من عوائق وما يشوبها من شوائب وما يكون بها من شواغل هذا هو المحك.

فهناك اجتهادات لكن ولي الأمر أخذ باجتهاد من هذه الاجتهادات وهو أن يكون للمرأة دور بأن تكون ناخبة ومنتخبة فهنا انتهى الأمر، انتهى الأمر لأنه يكون هناك عدة اجتهادات في هذه المسألة.

• ماذا عن عمل اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية؟

– طبيعة اللجنة مأخوذة من هذا العنوان الطويل، فهي لجنة استشارية وليست تنفيذية للعمل على استكمال بمعنى أن هناك تطبيقات للشريعة الإسلامية في بعض الجوانب للحياة التشريعية في الكويت لكن نريد أن نستكمل بقية هذه الجوانب حتى يكون التطبيق شاملا وكاملا.

هذه اللجنة أنشئت في سنة التحرير في ديسمبر سنة 1991 وهذه اللجنة مهمتها في المادة الأولى هي تهيئة الأجواء لاستكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ولها في سبيل ذلك تعديل القوانين السارية حتى تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.

إذاً لها مهمتان: الأولى تهيئة الأجواء، والثانية تعديل القوانين السارية حتى تتوافق مع أحكام الشريعة، من هاتين المهمتين بدأ عمل اللجنة منذ إنشائها بمرسوم في عهد الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، وهي تابعة للديوان الأميري وإنجازاتها ترفع إلى سمو الأمير مباشرة، وبدأت اللجنة بالعمل لترتيب أوضاعها من ناحية المقر ومن ناحية الميزانية وكيفية العمل لأن المرسوم أتاح لها كذلك أن تستعين بفرق عمل وأن تطلب بيانات وإحصائيات من الجهاز الحكومي ومن خارجه وأن تتعاون وتنسق بين جميع الفعاليات سواء عن السلطة التنفيذية المتمثلة برئيس الوزراء والوزراء أو السلطة التشريعية المتمثلة بمجلس الأمة.

من هنا بدأ هذا العمل واختير لها أعضاء متميزون من الناحية التشريعية، كان هناك مستشارون في مجلس القضاء وكان رئيس مجلس القضاء الأسبق ورئيس مجلس القضاء السابق وكذلك أحد أعضاء مجلس القضاء ومن جامعة الكويت وكذلك من العاملين في المجال الإعلامي على جميع المستويات وهم تسعة أعضاء في هذا المجال.

وبدأت اللجنة تعريف المجتمع الكويتي بها وبعد استشارة الأمير الراحل رحمه الله الشيخ جابر قمنا بالتعريف باللجنة في دول مجلس التعاون ثم انتقلنا إلى الدول العربية فزرنا مصر والمغرب وكذلك دول أخرى إسلامية كماليزيا وباكستان ثم زرنا كذلك أوروبا وأميركا الشمالية وأميركا اللاتينية وأستراليا للتعريف بهذه اللجنة في المراكز وما إلى ذلك.

بحمد الله هذا التعريف المحلي والإقليمي والعالمي جعل للجنة صدى طيبا وهناك لجان مشابهة للجنتنا في بعض البلاد استفدنا منها وهذه اللجان لها مجال تشريعي أو التحاقها قد يكون بوزارة عدل أو بوزارة أوقاف في بعض البلاد أو برئاسة الوزراء، لكن لجنتنا تتبع مباشرة سمو الأمير.

وكذلك قسمنا عملنا إلى خمس لجان اللجنة التشريعية لدراسة القوانين السارية التي ينص عليها المرسوم ولجنة اقتصادية، ولجنة تربوية، ولجنة اجتماعية، ولجنة إعلامية.

وباشرت هذه اللجان عملها بتكوين فرق عمل وتنسيق بين اللجان وبين الوزارات المعنية، فمثلاً بين اللجنة الإعلامية ووزارة الإعلان منسق بدرجة لا تقل عن درجة وكيل وزارة مساعد، كذلك بيننا وبين وزارة التربية، بيننا وبين وزارة الشئون، بيننا وبين كذلك مجلس القضاء بل إن رئيس مجلس القضاء كان عضواً في اللجنة في هذا المجال.

وللجان هذه خلال دراسة القوانين وتعديل القوانين الاستعانة بالخارج أو بالداخل، فنحن لدينا ثلاثة أمور نستعين بها إما الاستكتاب لكبار الأساتذة والمستشارين والمتخصيين في هذه المجالات التي ذكرتها، أو الزيارة لمدة أسبوع والاطلاع على هذا الأمر، أو كذلك أن تكون فرق العمل هذه تتابع العمل من خلال الأكاديميين الموجودين داخل الكويت في جامعة الكويت أو في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب ومؤسسة الكويت العلمية وما إلى ذلك.

فبحمد الله كونا من خلال هذا الأمر مكتبة تعد من أكبر المكتبات في الكويت ولا أبالغ إن قلت أنها من أكبر المكتبات في منطقة مجلس التعاون.

رحلة المقر

• مع تطور العمل احتجتم إلى مقر كبير يتناسب وطبيعة عمل اللجنة، فكيف انتقلتم من بيت في قرطبة إلى المقر الحالي؟

– كانت البداية طلب ميزانية للبدء ومقر للعمل، وأذكر أن الأخ الفاضل شفاه الله وعافاه محمد المعوشرجي وزير الأوقاف السابق استضافنا في وزارة الأوقاف وقال ما دام هناك عضو عندكم وكان وكيلاً مساعداً وهو الدكتور عادل الفلاح سأقوم بتهيئة مكتب لكم وسكرتارية لحين توفر مقر لكم.

فاستضافنا لمدة شهر، وخلال هذا الشهر قمنا بترتيب الأمور وتقسيم اللجان وبدأنا ثم صدر مرسوم أميري بتعيين أمين عام للجنة وهو الأمين العام السابق الدكتور أيوب خالد الأيوب وكانت مدة اللجنة سنتان ويجوز التمديد.

والعمل كان ضخما خاصة بالنسبة للقوانين السعرية وبالنسبة للاستشارات ولذلك جددنا لمدة مرتين ثم رأى الشيخ جابر رحمه الله أن تكون اللجنة دائمة فأصدر مرسوما سنة 1997 بأن تكون اللجنة دائماً وقال إنه يريد أن تستفيد من اللجنة السلطتان التنفيذية والتشريعية وأن تكون مرجعا كذلك للقوانين أو مشاريع القوانين التي تكون في مجلس الأمة.

قمنا بتأجير بيت في قرطبة في البداية وانتقلنا من وزارة الأوقاف وجاء الشيخ جابر وافتتح هذا المقر في زيارة للجنة وكان يداوم على زيارة اللجنة وخاصة في رمضان ومعه سمو الأمير حاليا الشيخ صباح الأحمد ومجموعة من الوزراء والشخصيات وكثرت الزيارات من الوفود التي تأتي الكويت تسأل عن اللجنة ومن كبار الشخصيات الموجودة، فضاق علينا المقر فقال سمو الأمير ابحثوا عن مقر أوسع يكون على الشارع العام لأن الزيارات الموجودة ونظام الدوام المسائي يكون أكثر ازدحاماً لانشغال أعضاء اللجنة وفرق العمل بأعمالهم الصباحية وكذلك فرق العمل والمستشارين فالكل يأتي في الفترة المسائية فأشار بدلاً من أن تأخذوا بيتا في منطقة هادئة ويشتكي الجيران من كثرة السيارات وكذا فانتقلوا إلى مكان آخر فأخذنا في الجابرية.

في عام 1997 صدر مرسوم بأن تكون اللجنة دائمة فقلت له رحمه الله نحن نريد مبنى آخر لأن اللجنة سوف تكون دائمة فإلى متى نؤجر، فأوعز إلى البلدية بتخصيص أرض ومن ثم بني هذا البناء من خمسة أدوار وكان رحمه الله مريضاً فلم يستطع الحضور ورعى افتتاح المجلس وناب عنه سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد عندما كان رئيساً لمجلس الوزراء.

• بالتأكيد واجهتم صعابا وتحديات كبيرة، فما السبيل لتجاوزها؟

– الناس يتساءلون عن عملنا خلال الـ23 عاماً فنقول إن اللجنة استشارية فكلمة استشارية تعني أن اللجنة لا تنفذ وإنما تدرس وتهيئ الأجواء للقوانين ثم ترفع هذه الآلية إلى سمو الأمير ثم بعد ذلك تنتهي مهمتها سواء في عهد الشيخ جابر الأحمد رحمه الله أو سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد.

إذا رفعت الإنجاز انتهت مهمتها حتى تكمل إنجازات أخرى، لكن الآلية التي عند صاحب السمو هي إحالة هذا الإنجاز إن كان إنجازا تنفيذيا يحيله مباشرة إلى الجهاز التنفيذي حتى لو كان إنجازا يتعلق بمشروع قانون أو بتعديل قانون يجب أن يعرض على مجلس الوزراء ومن ثم يذهب إلى مجلس الأمة باقتراح بقانون مقدم من الحكومة حتى يناقش في مجلس الأمة.

عندما يأتي إلى مجلس الأمة لا يستطيع رئيس مجلس الأمة أن يعرضه للنقاش العام في المجلس حتى يصوت عليها وإنما يذهب إلى اللجان المختصة، واللجان المختصة عندها مشاريع قوانين قد ينتهي الفصل التشريعي ولم تنته هذه القوانين، ولذك واجهتنا مشكلة من هذه المشاكل هي القانون المدني عندما عدلنا منه 40 مادة من أصل 1080 مادة، هذا القانون عندما عدلنا ورفعناه إلى سمو الأمير وأحاله سمو الأمير إلى مجلس الوزراء ثم أحيل إلى مجلس الأمة ومن ثم أحيل إلى اللجنة المختصة واجهتنا مشكلة في انتظار دوره، والفصل التشريعي سينتهي ولم يصلوا له، فكان في الخطاب الأميري الذي كان في افتتاح دورة من دورات مجلس الأمة أن الحكومة أحالت إلى المجلس مشروع بتعديل القانون المدني الذي وضعته اللجنة الاستشارية العليا ومن ثم اللجنة القانونية في مجلس الأمة تفرعت منها لجنة خاصة لمناقشة هذا الموضوع حتى يقر وأقر الحمد لله، وهكذا في مشاريع أخرى سواء كانت تشريعية أو تنفيذية أو ما إلى ذلك.

فكر اللجنة

• ولكن لا يزال الحديث عن دور اللجنة وقد تتصاعد بعض الأصوات من بعض التيارات بأن هناك أفكارا وتوجهات تسير هذه اللجنة فما ردكم؟

– هذا الكلام سمعناه كثيراً في الدواوين وفي اللقاءات وفي الزيارات، لكن عندنا تهيئة الأجواء بالاتفاق مع الخطباء ووزارة التربية في المناهج التربوية ومع البنك المركزي في القضايا الاقتصادية، وأنجزنا في الجانب الاقتصادي مسألة قانون المصارف الإسلامية وهذا إنجاز طيب وتم هذا الإنجاز وعلى أثره تعدلت بعض البنوك والمصارف التقليدية إلى مصارف إسلامية وبعضها أصبح يحكمها قانون البنك المركزي للمصارف الإسلامية بفصل خاص وهذا من إنجازات اللجنة.

وكذلك ما يتعلق ببعض المدارس التي نكون فيها محاضرين ومشاركين فأنا أتلقى دعوات وأذهب إلى رياض الأطفال والابتدائي والمتوسط والثانوي وكذلك إخواني العاملين في اللجنة في الفترة الصباحية عندهم مسألة القيم الموجودة في المدارس وكثير من أنماط الحياة التي هي منهج والنظام التربوي الشامل ومادة تدريس القرآن الكريم أصبحت مقررة في وزارة التربية.

هناك إنجازات أخذت طريقها إلى التطبيق، أما مسألة التيارات الموجودة في الكويت فإننا نأخذ الاتجاه الوسطي ونمشي على المرسوم وعندنا استراتيجية موجودة وعرضناها على الأمير الراحل رحمه الله وعلى سمو الأمير الحالي وهي الوسيلة لعملية استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بدون قفز عليها وبالمنهج الوسطي.

ونحن نسمع وعندنا أرشيف كامل لكل الانتقادات سواء في الصحافة أو شبكة التواصل الاجتماعي أو السخريات أو ما إلى ذلك، لكن عندما كلمنا سمو الأمير في هذا الأمر قال ما عليكم من هذا كله أنتم تمشون حسب استراتيجيتكم ولا تدخلوا في مهاترات أو ردود وقوموا بعملكم على أكمل وجه، فنحن ننتهج نفس نهج دولة الكويت في التوازن في الكلام حتى في تصريحاتنا ومؤتمراتنا الصحفية وردودنا على الجهات التنفيذية في كافة المجالات وهذه الأمور.

برنامج حياتي

• قد يتساءل البعض كيف وفق الدكتور خالد المذكور بين عمله واجتهاده ونشاطه وبين حياته الأسرية؟

– أنا أضع برنامجا سنويا وأقوم بعمل التغييرات الشهرية أو ما شابه، في البيت بعد صلاة الفجر أكون مع الأسرة وقراءة القرآن أو رياضة الصباح وأفطر مع زوجتي وإذا كان أحد الأولاد والآن كل الأولاد في بيوتهم وأولادهم ثم بعد ذلك أذهب إلى عملي سواء في اللجنة أو الجامعة أو عندي لجان أو مدعو لحفل أو مؤتمر.

وفي جميع الأحيان أحب أن تكون وجباتي الثلاث في البيت إلا إذا حدث أمر آخر آو سافرت، حتى عندما أكون في مؤتمر ويتم دعوتي إلى مأدبة غداء أعتذر لأنني أحب أن أكون مع زوجتي في الغداء والعشاء وفترة العصر للواجب الاجتماعي سواء حضور أفراح أو حضور تعزية وعيادة المرضى.

أما يوم الجمعة من الصباح في المنزل استعداداً لصلاة الجمعة وبعد العصر زيارات لأقاربي ولأرحامي سواء بالذهاب أو بالتليفون سؤال أو تلقي بعض الأمور الأسرية من أناس يأتون لإصلاح ذات البين يكون يوم الجمعة العصر أو بعد المغرب أو ليلاً، والساعة العاشرة تقريباً أكون في الفراش وأسمع نشرات الأخبار وأقرأ بعض الأشياء وأنام.

وبين فترة وفترة إذا كان في الشتاء أقرأ باليل من بعد صلاة العشاء إلى الساعة العاشرة، وفي الصيف بعد صلاة الفجر.

طبعاً اليوم الذي نجتمع فيه الأولاد والأحفاد وزوجاتهم يوم السبت على الغداء، فهذا يوم ما يتخلف عنه أحد ونجلس من بعد الغداء إلى المغرب ونتحدث وما إلى ذلك فهو يوم عائلي كامل، أما إذا كان عندي مؤتمر وسافرت يجلسون ولكن يقولون نحن فقدناك في هذا اليوم.

• كيف ترى مستقبل الحياة البرلمانية كمهتم وكمراقب وكشخصية فاعلة في المجتمع؟

– ألاحظ أن مجلس الأمة بين مد وجزر، فالأعضاء يأتون من خلال انتخابات والانتخابات فيها قصور أحياناً فتأتي بين سلب وإيجاب، فإذا جاء المجلس ومعظم أعضائه من الذين دخلوا الحياة البرلمانية للمرة الأولى ولم يدرسوا الدستور ولم يدرسوا اللائحة ولم يعرفوا ماهية سلطة النائب ودور النائب وخدمات النائب يكون قصورا غير جيد وطبعاً العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية هي علاقة تكامل وعلاقة خدمة للكويت، لكن أحياناً قد تكون بعض النفوس ما تتقبل فلانا أو فلانا فأحياناً ينفلت العنان للسان فيذكر كذا ويذكر كذا، فيجب التحلي بأدبيات الحياة البرلمانية ويجب على البرلمانيين الجدد أن يأخذوا دورة في مجلس الأمة للأدبيات.

يجب أن يطلع البرلماني على البرلمان القديم في أوروبا وفي أميركا، ويجب أن يكون الكلام فيه فائدة وبناء على دراسة وبناء على معرفة ما يدور وتحديد الأولويات وكل هذا يتوقف على نتائج الانتخابات لمجلس الأمة.

• هناك سؤال يطرح نفسه حول مدى نجاح التيارات السياسية الإسلامية في تقديم نموذج إسلامي مناسب في الحياة المدنية وقدرتها على إدارة الدولة، فهل فعلاً في الكويت نجحت في ذلك؟

– الكويت دولة مفتوحة بها جميع التيارات سواء التيارات التي يطلق عليها إسلامية أو التيارات القومية من حزب البعث وحركة القوميين العرب ومن غيرها مع حركة التيارات الإسلامية المتمثلة في الإخوان المسلمين والسلف وجماعة التبليغ وفي حزب التحرير، الجميع موجود في الكويت وأعتقد في الخمسينات كان هناك جمعية الإرشاد وكان هناك النادي القومي وكان هناك تيارات موجودة نتيجة لدخول الثقافات المختلفة للكويت فهناك من درس في بيروت في الجامعة الأميركية وحركة القوميين العرب كانت هناك في بيروت ولها منهجها ولها فلسفتها، وهناك من درس في العراق أو في اليمن أو في السودان كان هناك حزب البعث وكان الحزب الشيوعي موجود اليسار بجميع أطيافه وهناك من درس وعرف الإخوان المسلمين في مصر أو في غيرها، وهناك السلف الذين درسوا وخاصة في المملكة العربية السعودية كل تأثر بهذا وهذه طبيعة الإنسان أنه يتأثر بهذا الأمر وكل له وجهة نظره.

التيار الإسلامي بجميع طوائفه له قابلية أكثر لأنه يتعلق ويتعامل مع الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية وطبيعة أهل الكويت الحفاظ على عقيدتهم الإسلامية وعلى تعاملهم الإسلامي وعلى عبادتهم وهذا ما نص عليه الدستور، فلا غرو أن التيارات الإسلامية سواء في السلف أو الإخوان أو غيرهم يمكن جماعة التبليغ كانت موجودة من زمان وتأتي وتزور في المساجد وتخطب لكن هي بعيدة عن هذا، فهي تأخذ المجال الدعوي أكثر، أما الإخوان المسلمين والسلف فقد باشروا الحياة ونشطوا في الحياة المدنية وأصبح منهم وزراء وأصبح منهم أعضاء في مجلس الأمة وكان لهم تأثير سواء في وزارة الأوقاف أو في وزارة التربية أو وزارات أخرى، وكذلك القوميين العرب وكذلك أصحاب اليسار بصفة عامة لهم تأثير كبير جداً في الخمسينات والستينات ومع بدايات مجلس الأمة كان التيار القومي والناصري واليساري هو الغالب وجماعة الطليعة ونادي الاستقلال وجمعية الإرشاد فنحن نقول إننا لا نستطيع أن نمنع أحدا من أن يكون له فكر أو منهج وفق ما يتوافق معه أو يقتنع به وهذا أمر طبيعي في الإنسان بأن يكون له منهج في هذه الحياة وقد تتوافق مجموعة من حاملي هذا المنهج على تشكيل تيار أو غيره وهذا موجود في جميع البلاد، لكن يجب أن نعرف أن هناك قواعد مشتركة في هذا البلد وهناك أمور لا يختلف عليها أحد ولذلك أعود مرة أخرى وأقول إن دروس الاحتلال جعلتنا نذوب كلنا في حب الكويت وكلنا في الدفاع عن الكويت وكلنا في ما يتعلق بتحرير الكويت، فتجد صاحب المنهج اليساري والإسلامي كلهم متفقون على الكويت، فهذا الاتفاق يجب أن يسود حياتنا الآن.

شطحات

• في الممارسات البرلمانية من يطرح بعض الشطحات أو الأمور غير المقبولة اجتماعياً، فما رأيك؟

– في كل تيار هناك متطرفون، إذا نظرت إلى التيارات في الغرب تجد هناك المتطرف وهناك المعتدل الوسطي فنحن نريد الوسط سواء من التيارات القومية أو من التيارات الإسلامية أو ما إلى ذلك نريد الوسط فالاعتدال في كل شيء جيد، والحفاظ على الكويت بتراثها وبعاداتها واجب.

المسألة مسألة أن الكويت يجب أن تستوعب هذا كله، فالأفكار الشاطحة والبعيدة كل البعد عن المجتمع عندما يقرأها الشخص يجدها غريبة عن الكويت، مثلما يأتي أحد الموجودين بالبرلمان ويقول إن الخمر من عادات الكويت، فهل هذا صحيح؟ أنا كتبت تغريدة في حسابي بتويتر وقلت من يقول إن شرب الخمر من عادات وتقاليد أهل الكويت مسيئ لشعب الكويت، فشعب الكويت معروف منذ بدايته والمستشرقون الذين أتوا والحملات التنصيرية التي جاءت للكويت لم تفلح، والانتقاد موجود ومحمود ولكن الانتقاد لا يكون بسب أو بشتم أو بحقد، هناك من يكتب عن الحكومة وهناك من يكتب عن الأسرة فنحن نريد للأسرة أن تتوافق ويجب أن يؤخذ بالاعتبار هذا الأمر وبالتالي لا يكون هناك جماعات تنظر إلى هذه الاختلافات حتى لا تجذر ولا تعمم ويكون دور الإعلام دورا كبيرا أيضاً في وجود النقد البناء الطيب الجيد بأسلوب مهذب لهدف الإصلاح وليس الهدم والتجريح.

• ما الرسالة التي تود توجيهها لأبناء الكويت داخل الكويت وخارجها؟

– لإخواني المواطنين والمقيمين في الكويت أقول إن هذا الوطن وطن غالٍ على الجميع، والأوطان غالية لأن فيها عهود الصبا واللعب والدراسة والعادات والتقاليد والمعارف والأصدقاء والزملاء والجيران، هذه تثبت حب الوطن، وما اعتدنا عليه من تراحم وتلاحم وصفاء ونقاء، وما اعتدنا عليه في علاقاتنا الاجتماعية بين الحاكم والمحكوم يجب أن نحافظ عليها هذه ثوابت وأسس يجب أن نحافظ عليها صحيح هناك اختلافات وجهات نظر نتيجة للتقارب الموجود مع العالم وظروف عالمية قد تؤثر سلباً وإيجاباً على المنطقة كلها بما فيها الكويت لكن تبقى الأسس والمبادئ موجودة.

وما يجمع أهل الكويت دائماً ثلاثة أمور، إما نسب وصهر، واما رضاع، و اما جيرة والكل يحافظ عليه، والدليل على هذا موقفنا وتلاحمنا وتراحمنا أيام الاحتلال فلو نظرت للكويت أيام الاحتلال لأخذت دروسا وعبرا كثيرة جداً.

طبعاً إخواننا المقيمون يجب أن يدركوا أنهم مرحب بهم للعمل الشريف والجهد الشريف ولهم صلات كبيرة سواء على مستويات كثيرة ولكن يجب أن يدركوا قوانين هذا البلد والتعامل مع هذا البلد في هذا المجال إن شاء الله أما في العالم الإسلامي بأجمعه فأنا أنصح الجميع أن يدرك دينه وأن يدرك قضاياه من وجهة النظر الشرعية التي يحل له جميع هذه المشاكل من فرق ومن بطالة ومن عدم عدالة وما إلى ذلك الرجوع إلى ديننا الإسلامي الحديث المستنير المنفتح على الجميع إن شاء الله.

الأمير في طابور المهنئين

حكى الدكتور خالد المذكور أن سمو الأمير عندما كان وزيرا للخارجية نائبا لرئيس مجلس الوزراء في وقت زواج ابنه معاذ، وكان في صالة من الصالات، فجاء أحد الحاضرين وأخبره عند استقبال المهنئين بأن الشيخ صباح واقف بالطابور مع المهنئين.

وذكر أن هذا يدل على التواضع ويدل على أنك عندما تجلس معه تطمئن ويذهب عنك الخوف والرهبة، صحيح التقدير موجود والاحذترام موجود لكن من يجلس لديه لا يشعر برهبة الحاكم بل يأخذ راحته معه ويجد نفسه يصارحه بكل ما لديه.

تواضع

كشف المذكور أن عدة مواقف جمعته بسمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الأول عندما اختاره لكي يكون عضوا في المجلس الأعلى للإعلام، واستضافه في مكتبه مبينا ان «من يجلس معه يجد المقدمات الرائعة التي يفرح بها».

ولفت إلى أنه جمعه به عقد زواج، قائلا«أنا مأذون شرعي للزواج فأحياناً يحضر لبعض الزيجات باعتباره شاهدا مع سمو ولي العهد فيدور كلام طيب حول الزواج وهذه الأمور، وهذا التصرف يدل على تواضع واندماج وهذه طبيعة حكام الكويت كلهم اندماجهم مع شعبهم وحبهم لمواطنيهم وحب مواطنيهم لهم فتجد جميع أفراد الأسرة الحاكمة يدخلون يعزون مثل أي ناس فيأتي الشيخ صباح الأحمد أمير البلاد أو ولي العهد للعزاء فلا يمنعون أحدا ولا توجد حالة طوارئ أو إجراءات أمنية كبيرة بل تجده يدخل بمنتهى البساطة للعزاء أو الديوانية».

متابعة من الوالد

قال المذكور إن والده رحمه الله كان حريصا على أن يصلي ابنه في المسجد جماعة، قائلا: كان عندما يأتي يسألني: ما شفتك بالمسجد؟ أنت صليت؟، فأقول له: أنا صليت وطلعت قبلك. فيقول: أكيد؟ أرد: نعم أكيد. فيقول: «من كان على يمينك ومن كان على يسارك كي أسألهما؟»، مشيرا إلى أن ذلك ينبئ بمدى متابعة الوالد للابن كي يحافظ على الصلاة في المسجد.

عن المذكور

الدكتور خالد مذكور عبد الله المذكور من الشخصيات الكويتية البارزة، حاصل على إجازة الدكتوراه العالمية في الفقه المقارن من جامعة الأزهر عام 1978، وهو رئيس اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بدولة الكويت.

وهو كذلك عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت عضو اللجنة العلمية للموسوعة الفقهية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عضو هيئة الفتوى والرقابة.

للدكتور خالد المذكور نشاط علمي بارز في مجال التدريس والمحاضرات والخطابة والإفتاء والبرامج الإعلامية التوعوية والدينية، وله إسهامات عديدة في مجالات البحوث والدراسات خاصة فيما يخص الاجتهاد الجماعي ومؤسساته في دولة الكويت وحماية المستهلك في الشريعة الإسلامية، وكذلك رعاية المسنين والوقاية الصحية في الفقه الإسلامي.

ويترأس الدكتور خالد المذكور اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية التابعة للديوان الأميري ويتقلد مناصب أكاديمية ومهنية عليا في جامعة الكويت ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وهو مشارك منتظم في العديد من المؤتمرات الإسلامية العالمية.

في رحاب أمير القلوب

بين الدكتور المذكور أن أمير القلوب الشيخ جابر الأحمد رحمه الله «مثله مثل جميع حكام الكويت، فعندما توفي والد المذكور ذهب إلى بيته ليعزيه فشكره ثم زاره مرة أخرى ليشكره على التعزية مع مجموعة من آل المذكور».

وأوضح أنه كان يستفتيه في بعض الأمور الشخصية والعائلية، قائلا: «عندما كنت أدخل عليه أقدم له تقريرا أو إنجازا وهو على كرسيه في المكتب وبعدما ننتهي يسألني: هل عندك شيء؟ فأقول: لا خلصت. فيقول أنت الآن تكلمني باعتباري أمير البلاد وأنت رئيس اللجنة، لكن أنا معك سأنتقل من المكتب وأجلس هنا وأنت تجلس بجانبي لأن المسألة تتعلق بصفتي الشخصية باعتباري جابر الأحمد وليس باعتباري أمير البلاد».

وأضاف: «كان يقوم من كرسيه ويجلس معي عندما يريد أن يستفتيني في شيء شخصي رحمه الله وهذه من الأمور التي لا أنساها له، وعندما كان يحين موعد الصلاة كان يقدمني للصلاة على الرغم من أنه كان يؤم الموظفين في الديوان الأميري وقت صلاة الظهر وبعض الأحيان يكون هناك إمام خاص يأتي من وزارة الأوقاف لكن عندما أكون موجودا يقدمني على الإمامة، كما استضافني جزاه الله خيراً في ذهابه آخر مرة للحج في فبراير عام 2003».

Scroll to Top