النطق السامي وشرف المسؤولية

أتى خطاب حضرة صاحب السمو أمير البلاد في العشر الأواخر من شهر رمضان الماضي مبينا الملامح وراسما الخطوط الرئيسة لمستقبل الكويت داخليا وخارجيا في جو يعبق بالعبادة والتقرب إلى الله في شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن واختيار يوم العشر الأواخر من رمضان لإلقاء خطابه مخاطبا القلوب التي تطهرت بالإخلاص لربها والنفوس النقية بالتقرب إلى خالقها، والأفكار التي خلصت من الانشغال المشوش بماديات الحياة، اختيار دقيق وموفق ذلك أن اختيار الزمان والمكان له دلالته وأثره الواضح في تلقي التوجيهات والنصائح.

وقد حظيت اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بفقرة مميزة من خطاب سموه حفظه الله بقوله:

“وبهذه المناسبة فإننا – بعون الله – ماضون في طريقنا نحو ما نراه الأمثل في سبيل رفعة الكويت ومن أهم سبلنا إلى ذلك خياطة حياتنا بشريعة خالقنا سبحانه وتعالى، وإن اللجنة التي عهد إليها أن تهيئ الأجواء لاستكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية تعمل بكل جهد وإخلاص وأمانة للقيام بمسؤولياتها على أكمل وجه فهي تجمع وتراجع التجارب المماثلة السابقة وتتحرى أفضل السبل لتأصيل قواعد السلوك، وأنجح الأساليب التي تؤدي إلى تعميق أساسيات العقائد والآداب والأحكام، التي نص عليها القرآن الكريم وبينتها السنة النبوية واجتهد العلماء على مر العصور وفي بيئات العالم الإسلامي المتباينة – ليبينوا تفصيلاتها”.

وهذه الفقرة من خطاب سموه لخصت ما تقوم به اللجنة من أعمال ووضحت أثر هذه الأعمال على رفعة الكويت وحفظها بشريعة الله سبحانه وتعالى.

وتفضل سموه بالتنويه باللجنة وأعمالها بحمل اللجنة شرف المسؤولية الملقاة على عاتقها ويعطي لها بعدها وعمقها في جميع مجالات الحياة ويدعمها ويساندها في تهيئة الأجواء لاستكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، مع الاستفادة من جميع التجارب المماثلة السابقة وتخطي العقبات واتباع أنجع الأساليب وأفضل السبل أخذاً من كتاب الله العظيم، وسنة نبيه الكريم، واجتهاد العلماء على مر العصور وصلاحية الشريعة لكل زمان ومكان بأسسها ومبادئها وقواعدها وثوابتها.

وخطاب حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ركز في بدايته على بعض هذه الأسس والإرشادات الشرعية انطلاقا من قوله تعالى في آية الصيام (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، ولتكملوا العدة، ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) وهذه القواعد والإرشادات تتمثل في الآتي:

– اصطناع اليسر وترك التشديد.

– أداء الواجبات كاملة دون نقص.

– تحري الهداية، إذ هي من أجل المواهب.

– معرفة النعم وتقديرها والقيام بحقها من الشكر والعرفان.

وقد كانت هذه القواعد والإرشادات الشرعية السمة المميزة في معالجة جميع الأمور التي تطرق إليها النطق السامي في الداخل والخارج والحاضر الواقع واستشراف المستقبل.

وهذه القواعد والإرشادات الشرعية هي ما تسترشد به اللجنة في أعمالها، وتعمل في إطارها لمعالجة ما جاء في النطق السامي في إدارة المال والاقتصاد في مختلف مجالاته وتنشيط الاقتصاد من زواياه المتعددة، وفي إعداد الشباب إعداداً وفق منهج تعليمي يعطيه الدور الأساسي في بناء وطنه لكي يرتفع بحاضره ويحصن مستقبله وتهيئة الأجواء المناسبة للشباب ليؤدوا دورهم لصالح بلدهم وصالح أنفسهم.

وللمجتمع أهميته الكبيرة ضمن هذه القواعد والإرشادات الشرعية لكي تقوم للمجتمع شخصيته السوية المتزنة والبعد به عن شواذ السلوك وأنماط الترف والبذخ والغرور والترهل، ولكي يكون سليماً معافى متمسكاً بالآداب والتقاليد الحميدة وعدم تعدي حدود النظم والقوانين وإعطائه الأمن المطلوب، وإدراك مسؤوليته تجاه من تسول له نفسه النيل من أمن الوطن والمجتمع وإدراك أن الحرية التي يريدها ذوو النفوس السليمة والقلوب المؤمنة والعقول الراجحة تعني كرامة المجتمع بجميع أفراده ولا تعني الفوضى التي تكون معول هدم ونذير خراب وللإعلام خطره وموقعه في توجيه المجتمع وتنسيق علاقاته والحرص على آدابه وقيمه وإشاعة الخير وحب الإصلاح فيه.

ولا شك أن إقامة النظم والقوانين وفق شريعة الله تحفظ هذا البلد بحفظ الله وتطبيق شريعته؛ ولذلك تدرك اللجنة العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية أن عملها واسع في جميع المجالات التشريعية والاقتصادية والتربوية والإعلامية والاجتماعية وأن عملها هذا ترجمه للمتأمل في خطاب حضرة صاحب السمو أمير البلاد في العشر الأواخر من رمضان ونسأل الله التوفيق.

Scroll to Top