الحكم الشرعي في الخيانة الزوجية
السؤال:
بسم الله الرحمن الحريم
الأستاذ الدكتور/ خالد المذكور
تحية طيبة وبعد
أرجو من سيادتكم التفضل بالإجابة على تلك الأسئلة لاستكمال ملف الخيانة الزوجية في عدد مجلة “الفرحة” التابعة للجنة مصابيح الهدى وهذه الأسئلة هي
- ما هو حكم الخيانة الزوجية في الشريعة الإسلامية
أولا: بالنسبة للزوج.
ثانيا: بالنسبة للزوجة.
- ما هي الشروط الشرعية الواجب توافرها لكي تكتمل أركان جريمة الخيانة شرعاً.
- ما هي الآثار المترتبة على تلك الجريمة بالنسبة للطرف المجنى عليه، وبالنسبة للأولاد؟ وماذا إذا نسبت زوجة خائنة ابن الزنا لزوجها دون علمه؟ وما الذي يترتب على ذلك بالنسبة لإرث هذا الزوج حال وفاته؟ واشتراك من ليس من صلب فيما ليس له حق فيه؟ وهل يستطيع أبناء الزوج الفعليين المطالبة بحقهم في إرثهم فيما لو تبين بعد لك لهم إن ابن الزنا هذا ليس أخوهم من جهة الأب؟ ولا يحق له الإرث معهم؟
وجزاكم الله خيراً
عبير الورداني
المحررة بجريدة الفرحة
الإجابة:
الأخت الفاضلة عبير الورداني المحترمة
المحررة بمجلة الفرحة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
فردا على رسالتك عبر الفاكس والمتضمنة طلب الإجابة على الأسئلة المتعلقة بالخيانة الزوجية لتنشر في مجلة الفرحة أقول وبالله التوفيق.
- مصطلح (الخيانة الزوجية) مصطلح عصري حديث اشتهر على ألسنة الكتاب والصحفيين ولم يرد هذا المصطلح في كتب الفقهاء ولا في قواعد الشريعة، سواء بالنسبة للزوج أو بالنسبة للزوجة، وهذا المصلح عندما يطلق يقصد به زنا الزوج بامرأة أجنبية أو زنا الزوجة مع رجل أجنبي وأحيانا يقصد به ما دون الزنا من لقاءات ومكالمات وخلوة مقدمات للزنا، وهذا كله محرم بطبيعة الحال في الشريعة الإسلامية، بل إن الزنا من الكبائر التي حد الله لها عقوبة حدية سواء أكان مرتكبها متزوجاً أو غير متزوج، وكذلك يحرم كل ما يتعلق بالمقدمات وباللقاءات وبالمكالمات لغير حاجة مع رجل أجنبي أو امرأة أجنبية.
ذلك أن رابطة الزوجية رابطة قوية صانها الله بعنايته وحفظها برعايته وجعلها آية من آياته وعلامة من علامات خلقه لهذا الإنسان ولهذا الكون فيها الحصانة للزوجية وفيها المودة والحب والألفة وفيها المعاشرة بالمعروف وتربية الأولاد والرعاية لهم والاعتناء بهم، ولذلك شدد الله عقوبة من يزنى وهو متزوج بالرجم حتى الموت إذا قامت الأدلة على ذلك بالإقرار أو بالبينة ووصلت الجريمة إلى علم الحاكم.
- تثبت جريمة الزنا شرعا وهو ما يطلق عليه (الخيانة الزوجية) بأحد دليلين:
أولا: الإقرار وهو سيد الأدلة.
ثانيا: أو بالبينة وهو أن يشهد أربعة من العدول الثقات على رؤية الجماع بين رجل وامرأة لا يحل شرعا جماعهما.
أما إذا كان المقصود بالخيانة الزوجية ما دون جريمة الزنا من مقدماته أو التمهيد له باللقاءات والكلام فله عقوبة تعزيرية يقدرها القاضي.
- أما الآثار المترتبة على جريمة الزنا وثبوتها لدى الحاكم فهي إقامة الحد على من زنى من الزوجين.
وإذا لم تثبت بعد ارتكابها فيلزم على من زنى أن يتوب توبة نصوحا بإقلاعه عن هذه الكبيرة والندم عليها وعدم العودة إليها، ويقدر القاض عقوبة زجرا وتعزيرا.
أما حمل الزوجة التي زنت فهو يثبت على فراش الزوجية لقول الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو قاعدة شرعية مشهورة “الولد للفراش وللعاهر الحجر”، ويثبت له النسب والإرث بعد وفاة الزوج ولا يجوز لبقية الورثة أن يطالبوه بحقهم.
ذلك أن الإسلام متشوف للنسب ولا يعرف يقينا حتى الآن إن كان الحمل من الزوج أو من غيره، وذلك استقرار للأعراض والأولاد الذين لا ذنب لهم فيما ارتكبت والدتهم.
أما إذا نفى الزوج الحمل ولاعن زوجته أو لم يتقبل التهنئة به بعد ولادته مباشرة فيتم التلاعن بينهما والقاضي يحسم الخلاف كما شرع الله.
وختاما فإن تساهل الأزواج والزوجات في أوامر الله الحافظة للأعراض والصائنة للرابطة الزوجية من اختلاط مشين وتبرج ظاهر وخلوة محرمة بين الأجانب ومداومة على ما يشاهد ويقرأ في وسائل الأعلام واعجاب بالحرية غير المنضبطة بضوابط الشرع لهو من وسائل تيسير ما حرم الله وارتكاب ما نهى الله عنه.
أسأل الله أن يحفظ أسرنا وأهلنا وأن يقينا كل سوء إنه ولي ذلك والقادر عليه.
د. خالد المذكور