ذبح الأضحية من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في عيد الأضحى، تذكرنا بقصة الفداء العظيم لإسماعيل عليه السلام، فهي إحدى وسائل الإسلام في المشاركة الوجدانية للفقراء والمساكين وتعميق لمعاني التعاون والبر وإدخال الفرحة في قلوب المحتاجين وتأكيد لقيم الأخوة الإسلامية وإظهار لفضل الله على عباده خلال أيام العيد. عن فضل الأضحية ومكانتها في الإسلام وأحكامها وشروطها؟ يجيب عنها د.خالد المذكور.
يقول د.خالد المذكور موضحا فضل الأضحية في شريعتنا الإسلامية أنها سنّة مؤكدة، يحرص عليها المسلم طمعا في أجرها وثوابها، ويكره له تركها إذا كان قادرا عليها، وقد شرعت الأضحية لمقاصد كثيرة منها: شكر الله سبحانه وتعالى على نعمه المتعددة، فالله سبحانه وتعالى قد أنعم على الإنسان بنعم لا تعد ولا تحصى كنعمة البقاء من عام لعام آخر، ونعمة الإيمان، ونعمة السمع والبصر والمال، فهذه النعم وغيرها تستوجب الشكر للمنعم سبحانه وتعالى والأضحية صورة من صور الشكر لله سبحانه وتعالى، حيث يتقرب بها العبد إلى ربه بإراقة دم الأضحية امتثالا لأمره تعالى، حيث قال الله: (إنا أعطيناك الكوثر فصلّ لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر) كما أن الأضحية إحياء لسنّة النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين أمره الله عز وجل بأن يذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليه السلام في يوم النحر وأن يتذكر المؤمن أن صبر إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وإيثارهما طاعة الله ومحبته على محبة النفس والولد كان ذلك كله هو سبب العناء ورفع البلاء.
وعن وقع ذبح الأضحية، بين د.المذكور أن وقتها حدده الله سبحانه (فصلّ لربك وانحر) لكن إذا لم يستطع المضحي ذبح أضحيته في يوم العيد، جاز له أن يذبحها في الأيام الثلاثة التي بعد يوم الأضحى. ولذلك لا يجوز ذبح الأضحية قبل صلاة عيد الأضحى ومن فعل ذلك فهي صدقة وليست أضحية، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه ومن ذبح بعد الصلاة والخطبتين فقد أتم نسكه أي عبادته وأصاب سنّة المسلمين».
لا يغني
وبسؤال د.المذكور عن الحكم لو كان أحد أفراد الأسرة يؤدي فريضة الحج؟ هل يكفي الهدي الذي يذبح ويغني عن الأضحية؟
أجاب: الذبح في أثناء الحج لا علاقة له بالأضحية المطلوبة من الأسرة والذي يذبح في الحج هو إما هدي تمتع وهو لشكر الله تعالى على الجمع بين نسك العمرة والحج والتحلل بينهما وهو واجب، وإما هدي قران وهو الجمع بين الحج والعمرة في سفرة واحدة وهو واجب أيضا، وقد يكون الذبح في الحج لترك واجب من واجبات الحج أو كفارة عن فعل المحظور من ممنوعات الحج وكلاهما واجب، وكل هذا مختلف عن الأضحية التي شرعت للتوسعة على الفقراء والمحتاجين ولشكر الله تعالى على دوام الحياة إلى هذه الأيام المباركة لأنها خير أيام العام التي أقسم الله عز وجل بها، (والفجر وليال عشر) وقال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب الى الله عز وجل من هذه الأيام». وعن الأصناف التي تجوز بها الأضحية، قال د.المذكور: الأضحية تجوز من الابل أو البقر أو الغنم من الذكور أو الإناث ويجب أن تكون سن الإبل خمس سنوات، والبقر سنتين، والغنم سنة ويدخل في الغنم الماعز وأجاز بعض الفقهاء أن تكون سن الضأن ستة أشهر، أما الماعز فلا تقل عن سنة، وتكفي الناقة أو الجمل عن سبعة أشخاص وكذلك البقرة، أما الشاة فتكفي عن شخص واحد وأن تخلو من عور العين والعرج البين، والعجفاء وهي الأضحية الهزيلة الضعيفة.
الرحمة
وعن شروط الذبح قال د.المذكور: على المسلم أن يتعامل مع الأضحية برفق ورحمة لأن التعامل مع الحيوان بقسوة أمر ترفضه شريعة الإسلام، ويدين سلوك كل مسلم بفعل ذلك، ولابد من شروط عند الذبح بأن يكون الذبح بآلة حادة حتى لا يتألم الحيوان، وأن يسرع الذابح عند الذبح، وأن يحدّ شفرة الذبح بعيدا عن الحيوان، حيث يروي ابن عباس رضي الله عنه أن رجلا أضجع شاة يريد أن يذبحها وهو يحد شفرته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أتريد أن تميتها موتتين؟ هلا حددت شفرتك قبل أن تذبحها؟».
أما حول كيفية توزيع الأضحية فقال: من المستحب أن يأكل المضحي وآل بيته من الأضحية ويطعم غيره، قال تعالى: (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) وعن كيفية التعامل مع لحم الأضحية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كلوا وتزودوا وادخروا». وعن أفضلية الأضحية عن الصدقة قال: إن الأضحية أفضل من الصدقة بقيمتها ومن التصدق باللحم لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى، وكذلك الخلفاء من بعده ولو علموا أن الصدقة أفضل لعدلوا اليها.
وروت السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب الى الله من إراقة دم، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسا» فالأضحية تشفع لصاحبها يوم القيامة.


