تحسين صورة الإسلام بالعودة إلى التزامنا بأخلاقه وتعاليمه

حملات الإساءة للإسلام مستمرة من وقت إلى آخر للنيل منه، فتارة يدنسون المصحف وتارة يسبون الرسول صلى الله عليه وسلم وتارة أخرى ينسبون الإرهاب إلى الإسلام والمسلمين ويصنعون ألعابا للأطفال تزرع في قلوبهم الكراهية للإسلام، ومع كل حملة نجد الدعاة والعلماء يتحدثون عن وسطية الإسلام وسماحته عن وسطية الإسلام وسماحته ويهاجمون الغرب ويطالبونهم بالاطلاع على الإسلام، وتقام المحاضرات والمؤتمرات وفي النهاية لا تزال نظرة الغرب للإسلام سلبية ولا يسمعنا أحد، فهل نحن نسير في الاتجاه غير الصحيح لتحسين صورة الإسلام؟ أم لغتنا معهم لا تصلح لهذا الزمان؟ وهل أصبح المسلمون عاجزين عن تمثيل الإسلام بصورته الحقيقية؟

الإجابات نتعرف عليها في هذا التحقيق:

سلوك المسلم

في البداية يؤكد رئيس اللجنة الاستشارية العليا لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية د. خالد المذكور أن مخاطبة الغرب بلغته هي السبيل لتحسين صورة الإسلام، وقال ان إنشاء قناة فضائية إسلامية باللغات الأجنبية اصبح مطلبا ملحا وان تحتوي القناة على برامج دينية باللغات الأجنبية نوضح من خلالها الصورة الحسنة للإسلام، كما يجب مخاطبة الغرب من خلال الكلمة المكتوبة في صحفهم، وعلى المراكز الإسلامية الموجودة في أوروبا أن تترجم خطبة الجمعة إذا أديت باللغة العربية حتى يستفيد منها الغرب ولا تكون مقصورة على المسلمين.

مؤكدا على أن تحسين سلوك المسلم في الغرب من أهم وسائل نشر القيم الإسلامية الصحيحة لأن المسلم في الغرب من أهم وسائل نشر القيم الإسلامية الصحيحة لأن المسلم في الغرب عندما يقوم بشيء مخالف فإنه لا يقال فلان أخطأ ولكن يقال المسلم قام بكذا وينسب السلوك الخطأ للإسلام.

وطالب علماء الدين بأن يتعلموا لغات الآخر وكيفية التعامل مع وسائل الاتصال الإعلامية الحديثة حتى يستطيعوا أن يتواصلوا مع الغرب ويوضحوا لهم مفاهيم الإسلام الصحيحة بسهولة ويسر ودون حاجة إلى مترجم.

ولفت إلى ان المسلمين المتواجدين في الغرب هم سفراء الإسلام لمن لا يفهمون لغتنا مما يجعل على عاتقهم مسؤولية كبيرة من خلال تحسين سلوكهم ونبذ الخلافات المذهبية بينهم وضربهم النموذج والقدوة الصالحة للفرد النافع لدينه وأمته وخدمة مجتمعه من خلال سلوكهم حتى يكونوا صورة مشرفة للإسلام، وحتى نصحح الصورة الحقيقية للإسلام فإننا نحتاج إلى جهود جبارة وإلى تكاتف الجميع يدا واحدة.

الوعي

عن كيفية تغيير صورة الإسلام في الغرب يرى الداعية عبد الرحمن الشنقيطي انه يمكن ذلك عن طريق نشر الوعي بمقاصد الشريعة وقواعدها السمحة، القائمة على الوسطية والاعتدال والتوازن حتى يتكون في الأمة جيل شبابي واع بالمقصد الأسمى لهذا الدين، ألا وهو الرحمة بالعالمين، قال الله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، وحينها نكون قد أسسنا لخطاب إسلامي جاذب يدعو بالقدوة والخلق والجدال الحسن للغربيين وغيرهم من غير معتنقي الإسلام، إلى الاستسلام بقناعة ومحبة لدين الله الخالد.

روح الإسلام

ولفت إلى أن أكثر ما يجني على صورة الإسلام في عصرنا الحالي هم جيل من شبان الأمة تصدوا للدعوة في بلاد الغرب من غير أن يكونوا مؤهلين ولا مهيئين لتلك المهمة المعقدة لا علميا ولا سلوكيا، فنفروا الناس وأرعبوهم من دين الله تعالى بأساليبهم الفظة الخشنة ومعاملاتهم الجافة الغليظة، وظهروا بمظاهر وأشكال مليئة بالشذوذ والغرابة، ولا تمت بصلة إلى روح الإسلام السمحة الجميل الراقي في تعاليمه وأحكامه وأصوله ومقاصده.

وطالب الشيخ الشنقيطي بضرورة ضخ جيل جديد واع ومؤهل يغير تلك الصورة المنطبعة في أذهان كثيرين بفعل المشوهين المنفرين لحقيقة الإسلام.

سلوك المسلم

ويحدد الداعية وليد دويدار الطرق المطلوبة لتغيير صورة الإسلام في الغرب، مشيرا إلى أن تسارع الأزمان والتطور الذي تشهده ساحات الحياة المختلفة من العوامل المؤثرة التي ينبغي الاستفادة منها في شتى مناحي حياتنا اليومية وأن أجل ما ينبغي أن تصرف فيه الأوقات والأموال والأرواح هو التعريف بدين الله عز وجل وفي ذلك قال الله تعالى: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله) أي دعا عباد الله إليه (وعمل صالحا وقال انني من المسلمين) أي وهو في نفسه مهتد فنفعه لنفسه ولغيره.

وأضاف: وللإجابة عن سؤالكم كيف يمكن تغيير صورة الإٍلام في الغرب، لابد من سلوك الصراط المستقيم ونصوص الوحي الأمين وطريق الأولين في التعريف بهذا الدين العظيم، ومن ذلك عرض الإسلام كما أنزل على الرسول الخاتم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ويكون هذا بنشر تراجم معاني القرآن الكريم وتفسيره والسنة المطهرة وشروحها والكتب النظيفة الخالية من البدع والضلالات، كذلك رد شبهاتهم وبيان فساد الاستدلال بها على أن يكون ردها أيضا يتناسب مع قوة الإسلام في طرح الحجج والبراهين فينبغي أن يكون القائم بالرد على بصيره وعلم حتى لا يفسد أكثر مما يصلح وهذا هو سبيل المؤمنين، قال تعالى: (قل هذه سبيلي ادعو إلى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من المشركين).

وأيضا ألا يجادل إلا بالحكمة والموعظة الحسنة وبالتي هي أحسن وهذا هو سبيل الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، قال الله تعالى: (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) وقال سبحانه (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون – العنكبوت: 46).

الإسلام الحقيقي

ويواصل الداعية دويدار الحديث عن طرق تغيير صورة الإسلام فيقول: كما يجب تكثيف الجهود الدعوية القائمة على فهم الكتاب والسنة فهما صحيحا يُعين على بيان محاسن الإسلام ومعرفة مقاصده الحسان بكل وسائل الدعوة الممكنة المرئية منها والمسموعة والمقروءة وبكل اللغات الممكنة، وأخص منها بالذكر اللغات العالمية كالإنجليزية والفرنسية والصينية، فإن أكثر سكان الأرض يتحدثون هذه اللغات، وأيضا استخدام وسائل التواصل واسعة الانتشار كالفضائيات والإنترنت في توجيه رسالة التعريف بالإسلام الحقيقي الذي تمثله النصوص الصحيحة من كتاب وسنة، بعيدا عن الأفكار المنحرفة التي لا تخلو ديانة سماوية أو أرضية منها مع إنكار هذه الأفكار وبيان أن الإسلام لم يأت بها دون تمييع للحق الذي نقصده بهذا الإنكار، كذلك يجب نشر السيرة النبوية الصحيحة بجميع اللغات الممكنة، وتعريفهم بمكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم فإن في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ما يبهر العقول ويدعو للتصديق برسالته الخاتمة واعتناق دين الإسلام.

وزاد: ويبقى على عاتق إخواننا الذين يقيمون بين ظهرانيهم من بني جلدتهم أو من المهاجرين اليهم وكذلك الدعاة عبر جميع وسائل التواصل العالمية كالفضائيات والإنترنت أن يفهموا أنهم يمثلون في نظر غير المسلمين – الإسلام، وعلى ذلك ينبغي أن يقدموا النموذج الرشيد للمسلم الحق، وكم هدى الله عز وجل أقواما وأقاليم بأكملها بسبب حسن أخلاق ومعاملة أبناء الإسلام لهم، فإن هناك بلادا قد منحها الله للمسلمين بغير سيف ولا قتال، إنما هي المعاملة بالعدل والإحسان.

القدوة الحسنة

من جانبه، أكد الباحث الإعلامي بالهيئة العامة للعناية بطباعة ونشر القرآن الكريم والسنة النبوية وعلومها ذياب عبد الكريم على أهمية سمو التعامل الإنساني في التمسك بتعاليم الإسلام الحقيقية وأن يصبح منهج حياة حتى نكون القدوة الحقه للغرب وغيره في الحكم على الإسلام وتعاليمه.

وأوجز عبد الكريم السبل الكفيلة لتصحيح النظرة النمطية إلى الإسلام من قبل الغرب من خلال عدة أمور وهي: عندما لا نكون أعداء للناجحين والمبدعين بل محفزون ومباركون عندها تتغير نظرة الغرب للإسلام، وعندما تظهر صورة المسلمين يقدمون العون والمساعدة لإخوانهم المنكوبين في سورية من اللاجئين الذين يعيشون في العراء في ظروف جوية قاسية عندها تتغير نظرة الغرب للإسلام.

وعندما يصطف الناس في طوابير منظمة أمام المخابز والمحلات والمصالح الحكومية عندها تتغير نظرة الغرب للإسلام، وعندما يتحلى السائح المسلم بالابتسامة والسلوك الراقي واللياقة في التعامل عندها تتغير نظرة الغرب للإسلام، وعندما تتجمل نساء وفتيات المسلمين بالحجاب الحقيقي ويكن قدوة لغيرهن في طهرهن وعفافهن عندها تتغير نظرة الغرب للإسلام، وعندما يحصد جوائز الإبداع والبحث العلمي شباب وعلماء المسلمين وعندما يكرم كبار السن وتسود المحبة والألفة في حوارات وتعامل الأسرة المسلمة عندها تتغير نظرة الغرب للإسلام، وعندما يبتعد الشباب والفتيات عن تقليد صرعات الموضة الغربية ويفخرون بالزي الإسلامي عندها تتغير نظرة الغرب للإسلام، وعندما تجد الجميع يقرأون ويعتنون بالكتاب وبتداول الثقافة وعندما تختفي الأخطاء الطبية القاتلة في مستشفياتنا وتختفي الواسطة والمحسوبية وعندما تصبح المساواة والعدالة أساس التعامل والتحاكم بين الناس وعندما نحرص على هداية الناس في الغرب بتعاملهم برفق ونحرص على تعريفهم بالإسلام وعندما نصبح سفراء للإسلام بأخلاقنا ورقي تعاملنا عندها تتغير نظرة الغرب للإسلام.

تزايد المسلمين

ورفض عبد الكريم النظرة السوداوية، وقال: لكننا نطمح إلى المزيد من دخول الناس في دين الله أفواجا ويبقى المستقبل لهذا الدين ولا أدل على ذلك من تقرير نشره موقع الـ “سي. إن. إن” بعنوان: “النمو السريع للإسلام في العالم الغربي كبير جدا”، وهو في تسارع مستمر ففي 12 سنة تم بناء أكثر من 1200 مسجد في الولايات المتحدة الأميركية بمعدل 100 مسجد سنويا، والشيء العجيب أن معظم الذين يعتنقون الإسلام من الاميركيين يتحولون إلى دعاة للإسلام بعد أن يلتزموا بشكل مذهل بتعاليم الإسلام، كما يبلغ عدد المسلمين في بريطانيا أكثر من 2,5 مليون مسلم وما نشر في جريدة برافدا الروسية بعنوان “الإسلام سيكون دين روسيا الأول مع حلول عام 2050م”، وفي العام نفسه ستكون ألمانيا جمهورية إسلامية لا محالة.

من إعداد: ليلى الشافعي
جريدة الأنباء

Scroll to Top