للحج شروط عامة للرجل وللمرأة، وتختص المرأة بأمور أخرى يجب أن تراعيها عند سفرها لأداء فريضة الحج حتى يتقبل الله حجها، فإذا اعترى المرأة وهي في طريقها إلى الحج حيض أو نفاس فماذا تفعل؟
رئيس اللجنة الاستشارية العليا للعمل على تطبيق أحكام الشريعة د. خالد المذكور يتناول في الاسطر التالية هذه القضايا والاحكام الخاصة بالمرأة:
يقول د. خالد المذكور: على المرأة التي يفاجئها الحيض ان تمضي في طريقها، فإن أصابها ذلك عند الاحرام فإنها تحرم كغيرها من النساء الطاهرات، لان عقد الاحرام لا تشترط له الطهارة، وفي المعنى: الاغتسال مشروع للنساء عند الاحرام كما يشرع للرجال لأنك نسك وهو في حق الحائض والنفساء، وورد الخبر كما قال جابر: حتى اتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله ﷺ كيف أصنع؟ قال: اغتسلي واستنفري بثوب واحرمي (رواه مسلم)، وعن ابن عباس عن النبي ﷺ قال: “النفساء والحائض إذا اتتا على الوقت تحرمان وتقضيان المناسك كلها غير الطواف بالبيت” وأمر النبي ﷺ عائشة رضي الله عنها ان تغتسل لإهلال الحج وهي حائض.
الحكمة من الاغتسال
وبسؤال د. المذكور عن الحكمة من اغتسال الحائض والنفساء للإحرام، قال: لقطع الرائحة الكريهة والتنظيف ولدفع اذى هذه الرائحة عن اذية الناس عند اجتماعهم، وأيضا لتخفيف النجاسة، وان وجدت حائض أو نفساء وهي محرمتان لم يؤثر على احرامهما وتبقيا محرمتين وتتجنبا محظورات الاحرام ولا تطوفا بالبيت حتى تطهرا من الحيض أو النفاس وتغتسلا منهما.
يوم عرفة
وماذا ان جاء يوم عرفة ولم تطهر الحائض والنفساء وكانتا قد احرمتا بالعمرة متمتعتين بهما إلى الحج؟ بين د. المذكور انهما تحرمان بالحج وتدخلانه على العمرة وتصبحان قارنتين والدليل على ذلك ان عائشة رضي الله عنها حاضت وكانت اهلت بعمرة، فدخل عليها النبي ﷺ وهي تبكي فقال: ما يبكيك لعلك نفست؟ قالت: نعم، قال: هذا شيء قد كتبه الله على بنات آدم، فافعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت.
حديث جابر المتفق عليه: ثم دخل النبي ﷺ على عائشة فوجدها تبكي، فقال: ما شأنك؟ قالت: شأني أني قد حضت وقد حل الناس ولم احلل ولم اطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن، فقال: ان هذا قد كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي ثم اهلي، ففعلت، ووقفت المواقف كلها حتى إذا طهرت طافت بالكعبة وسعت بالصفا والمروة، ثم قالت: قد حللت من حجك وعمرتك جميعا.
ما عدا الطواف
وقال د. المذكور: تفعل الحائض كل مناسك الحج من احرام ووقوف بعرفة ومبيت في مزدلفة، ورمي للجمار ولا تطوف بالبيت حتى تطهر لقوله ﷺ لعائشة لما حاضت: افعلي ما يفعل الحاج غير إلا تطوفي بالبيت حتى تطهرت، ولمسلم في رواية: فأقضي ما يقضي الحاج غير الا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي، وقال الشوكان في نيل الاوطار (4915) والحديث ظاهر في نهي الحائض عن الطواف حتى ينقطع دمها وتغتسل، والنهي يقتضي الفساد المراد في البطلان فيكون طواف الحائض باطلا وهو قول الجمهور، ولا تسعى بين الصفا والمروة لأن السعي لا يصح إلا بعد طواف نسك، لأن النبي ﷺ لم يسع إلا بعد الطواف، ويؤكد د. المذكور أن المرأة لو طافت وبعد الطواف أصابها الحيض فإنها في هذه الحالة تسعى لأن السعي لا يشترط له الطهارة.
طواف الإفاضة
وماذا لو حاضت المرأة بعد طواف الأفاضة؟ أوضح د. المذكور انه في هذه الحالة للمرأة ان تسافر متى ارادت ويسقط عنها طواف الوداع لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: حاضت صفية بنت حيي بعدما أفاضت قالت: فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ فقال: احابستنا هي، قلت: يا رسول الله قد افاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الافاضة، قال: فلتنفر إذن، متفق عليه.
وعن ابن عباس: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت طوافا، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض، وعنه أيضا ان النبي ﷺ رخص للحائض ان تطهر قبل أن تطوف بالبيت إذا كانت قد طافت في الافاضة، وقال العلامة ابن القيم في تهذيب السنن (2/303) أمرها رسول الله ﷺ لما حاضت أن تهل بالحج فصارت قارئة، ولهذا قال لها النبي ﷺ : يكفيك طوافك بالبيت بين الصفا والمروة لحجك وعمرتك.
وأشار د. المذكور إلى ان على المرأة في الطواف التستر الكامل وخفض الصوت وغض البصر وإلا تزاحم الرجال وخصوصا عند الحجر أو الركن اليماني.
منهيات الإحرام
وماذا عن منهيات الإحرام؟ أجاب د. المذكور بقوله: هناك منهيات عند نية الاحرام، وهي الا تخلع المرأة البرقع والنقاب إذا كانت لابسة لهما قبل الاحرام، لقوله ﷺ “لا تنتقب المحرمة” كما تخلع ما على كفيها من القفازين ان كانت قد لبستهما قبل الاحرام، ويجوز للمرأة أن تلبس حال احرامها ما شاءت من الملابس النسائية التي ليست فيها زينة ولا مشابهة لملابس الرجال وليست ضيقة، وليس للمرأة أن ترفع صوتها عند التلبية انما عليها ان تسمع نفسها، وانما يكره لها رفع الصوت مخافة الفتنة.
النية
وإذا نوت المرأة وهي حائض أو نفساء، فما الحكم؟ أجاب د. المذكور: إذا مرت المرأة بالميقات وهي تريد العمرة أو الحج وهي نفساء أو حائض فإنها تفعل ما تفعله الطاهرات، أي تغتسل، ولكنها تستنفر بثوب أي يتلجم به وتحرم، فإذا طهرت طافت وسعت وقصرت وانتهت عمرتها، أما إذا اتاها الحيض أو النفاس بعد الاحرام فإنها تبقى على احرامها حتى تطهر ثم تطوف وتسعى وتقصر، أما إذا اتاها الحيض بعد الطواف فإنها تمضي في عمرتها، ولا يضرها شيء لأن ما بعد الطواف لا يشترط فيه الطهارة من الحدث ولا الطهارة من الحيض.
منع الحيض
وحول الحكم في استعمال حبوب منع الحيض أيام الحج، قال د. المذكور: لا حرج في ذلك.
وعن جلوس المرأة الحائض في المسعى، أكد د. المذكور انه يجوز لها ذلك لأن المسعى لا يعتبر من المسجد الحرام ولا يشترط الطهارة في السعي.



